الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَحُكْمَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }

{ أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ } أتتولى اليهود فتبغى حكم الجاهلية مع أن فى أيديهم التوراة المبينة، وفى جوارهم خاتم النبيين والقرآن، قال مقاتل " كان بين قريظة والنضير دماء قبل أن يبعث الله سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم، ولما بعث وهاجر الى المدينة تحاكموا اليه، فقالت قريظة ان بنى النضير اخواننا، أبونا واحد وديننا واحد، وكتابنا واحد، فان قتلوا منا قتيلا أعطونا سبعين وسقا من تمر، وان قتلنا منهم قتيلا أخذوا منا مائة وأربعين وسقاً، وأرش جراحتنا نصف أرش جراحتهم، فاقض بيننا وبينهم. فقال صلى الله عليه وسلم القتلى بواء أى سواء فى القصاص والدية، فقالت النضير لا نرضى بحكمك، فانك لنا عدو ما تقصر فى تصغيرنا، فنزل { أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ } " وكذلك لفظ الآية يشمل كل ضلالة أرادت اليهود البقاء عليها، كما قال به ابن عباس، وعن الحسن الآية عامة فى كل من يبتغى غير حكم الله من أحكام الجاهلية، وقد سئل طاووس عن الرجل يفضل بعض ولده على بعض، فقرأ هذه الآية. وقيل وردت الآية فى حكم الكهان فى الجاهلية، وأخذهم الحلوان على ذلك، فان فيه ضلالين الحكم بالباطل، وأخذ الأجرة عليه، وقرأ ابن عامر تبغون بالخطاب، خاطب الله اليهود وأمر رسوله بالخطاب، أى قل لهم يا محمد أفحكم الجاهلية تبغون، وقرأ السلمى أفحكم الجاهلية يبغون برفع حكم على الابتداء، ويبغون خبره، والعائد محذوف، أى يبغونه، وهى قراءة ضعيفة، لأن حذف العائد الى المبتدأ اذا أدى حذفه الى ايهام كون المبتدأ مفعولا مقدماً لولا رفعه، وليس كحذف عائد الموصول والموصوف أو الحال، وقرأ قتادة أفحكم الجاهلية، فأرادوا بسفههم أن يكون محمد خاتم النبيين حكماً لأولئك الحكام، أى أفيبغون حكم الجاهلية فأرادوا. { وَمَن أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا } لا يفضل حكم أحد حكم الله ولا يساويه. { لِّقَومٍ يُوقِنُونَ } أن لهم رباً حكماً عدلا، واللام تتعلق بأحسن، فان عظم حسن حكم الله منفعة وصلاح للموقنين كما تقول لمن أمرك أن تختار له أفضل الأمرين هذا أحسن لك، ويجوز أن تعلق بمحذوف خبر المحذوف، أى ذلك لقوم يوقنون، وخص الموقنين لأنهم المنتفعون، والاشارة المقدرة للحسن أو للاستفهام التقريرى، وان تعلق كذلك ويكون بمعنى عند.