الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }

{ وَكَتَبنَا عَلَيْهِم } فرضنا عليهم. { فِيهَا } فى التوراة. { أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفسِ } الخبر كون خاص محذوف جوازاً ولم ينتقل عنهم ضميره، ولم ينب عنه بالنفس، هذا وفيما بعد أى أن تقتل بالنفس، والباء سببية أو عوضية وكذا فيما بعد. { وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ } تفقأ بالعين. { وَالأَنفَ بِالأَنفِ } تجدع بالأنف. { وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ } تصلم بالأذن. { وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ } تقلع بالسن، وذلك عطف على معمولى عامل، كأنه قيل وان العين بالعين، وان الأنف بالأنف، وان الأذن بالأذن، وان السن بالسن، فالتوكيد مسلط فى كل، وقرأهن الكسائى بالرفع عطف للحمل على نفسه أن واسمها وخبرها، فالتأكيد ليس مسلطاً فيهن، لأنهن لم يعطفن على ما أكد بأن، بل على نفس أن وما بعدها، فأما نصب كتبنا للمصدر من خبر أن فظاهر، أى كتبنا عليهم فيها قتل النفس بالنفس، وأما الجمل بعد فى قراءة الرفع هذه فانما يتوجه اليها كتبنا لتضمنه معنى قلنا، ويجوز ان يكون التقدير وكذلك العين بالعين، والأنف بالأنف، والأذن بالأذن، والسن بالسن عطفاً على أن واسمها وخبرها. وان جعلنا الخبر كوناً عاماً مثل تكون بالنفس، أو تستقر بالنفس، صح انتقال ضميره الى بالنفس فيعطف العين على هذا الضمير عند من لا يوجب الفصل فى العطف على الضمير والمرفوع المتصل، والصحيح أن يجب الفصل ويضعف عدم الفصل، وأما اذا قدرنا الكون الخاص مثل مأخوذ ومقتولة، أو تؤخذ، فالفصل موجود، لأن الكون الخاص حذر وفيه ضميره فقوله بالنفس فاصل. { وَالجُرُوحَ قِصَاصٌ } وشأن الجروح قصاص، أو الجروح ذات قصاص، وقراءة الكسائى، وابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر بالرفع على حد قراءة الكسائى لما مر بالرفع، وهو فى النصب والرفع اجمال بعد بيان كذا قيل، ولعل المراد العموم بعد التخصيص، فيدخل كل ما يمكن فيه القصاص كقطع الذكر أو البيضتين أو اليد أو الرجل من المفصل، وأما ما لم يمكن حده فالأرش. وكانت اليهود غيروا الرجم كان النضير اذا قتلوا من قريظة أدوا لهم نصف الدية، واذا قتل بنو قريظة منهم أدو الدية كاملة، وقيل لا يقبلون الا بقتل من قريظة، وقيل ان قبلوا الدية فلهم ديتان وقيل كانوا يقتلون بالنفس النفسين، ويفقئون العينين بالعين، ولعل ذلك فى أزمنة أو بلاد أو أقوام منه، فحكى صاحب كل قول ما علم من ذلك، فأخبر الله عز وجل سيدنا محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم بما فى التوراة من حكم الرجم والقصاص، وما فى الآية من القصاص مذكور فى التوراة، وقيل تبع رسول الله صلى الله عليه وسلم التوراة فيه، وقيل أخذه من قصاص القتلى، اذ هو تنبيه بالأعلى على الأدنى، ويدل لهذا استثناء السنة المشرك والعبد لا يقتصان من الموحد والحر، ولهما الأرش وان القتل وجب على اليهود، ولم يجب فى شرعنا بدلنا أخذ الدية، فعلمنا أن ذلك ليس تبعاً لما فى التوراة.

السابقالتالي
2 3 4