الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّآ أَنزَلْنَا ٱلتَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا ٱلنَّبِيُّونَ ٱلَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلرَّبَّانِيُّونَ وَٱلأَحْبَارُ بِمَا ٱسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَآءَ فَلاَ تَخْشَوُاْ ٱلنَّاسَ وَٱخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ }

{ إِنَّا أَنزَلْنَا التَّورَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ } هدى من الضلال الى الحق، وارشاد لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم، ونور بيان لما أشكل من الأحكام، وقيل الهدى بيان التوجيه والنبوة والمعاد، والنور بيان الأحكام وجملة { فِيهَا هُدىً وَنُورٌ } حال من التوراة أو فيها حال وهدى فاعل لفيها. { يَحكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسلَمُوا } وهم آلاف الأنبياء جاءوا بعد موسى ومع موسى، قيل أربعة آلاف، وقيل أكثر، وقيل ألف لم ينزل عليهم كتاب، بل ألزمهم الله الحكم بالتوراة الا عيسى فبالانجيل، وأما داود ولو أنزل عليه الزبور لكنه لا حكم فيه، وانما يحكم بالتوراة وقيل أيضا ان عيسى يحكم بالتوراة، وان الأحكام فى الانجيل قليلة، ويردهوليحكم أهل الانجيل بما أنزل الله فيه } وقوله تعالىلكل جعلنا منكم شرعا ومنهاجاً } والذين أسلموا نعت مدح اذ لا نبى غير مسلم أى منقاد لحكم الله ولا نبى الا هو منقاد لله تعالى، وفى ذكر الاسلام تعريض باليهود أنهم غير مسلمين، وأنهم بمعزل عن شأن الأنبياء، ومدح المؤمنين اذ هم على شأن الأنبياء، وما شهر من أن الصفة العامة قبل الخاصة نحو زيد متكلم فصيح، انما هو فى الأخبار والأحوال ونعوت التخصيص، والتوضيح فى العطف، ونعت غير التخصيص، والتوضيح. وعن الزهرى، والحسن، وقتادة، وعكرمة، والسدى أنه يحتمل أن يكون النبيون الذين أسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم جمعه تعظيماً له، وانما دعاهم لهذا الاحتمال قوله تعالى { لِلَّذِينَ هَادُوا } لأنه صلى الله عليه وسلم حكم لليهود بالرجم الذى فى التوراة، وللذين متعلق بيحكم، وذلك خلاف الظاهر، والظاهر أن المراد النبيون الكثيرون، والحكم للذين هادوا دليل على أنهم أنبياء بنى اسرائيل، وقيل المراد الأنبياء الذين مع موسى وبعده الذين من بنى اسرائيل أو من غيرهم. { وَالرَّبَانيُّونَ } سبق الكلام عليه، وقيل للذين هادوا نعت هدى ونور. { والأَحْبَارُ } جمع حبر بكسر الحاء وفتحها، وهو أولى ليخالف لفظ الحبر وهو المداد اذ هو بالكسر، لكن الجمع على أحبار أنسب بالكسر، وهم العلماء سمى العالم حبراً للحبر الذى يكتب به، أو من الحبرة بمعنى الزينة، لأن فيه زينة العلم وأثره، وحبرت الشىء زينته قيل الربانيون والأحبار بمعنى واحد فى الصدق، ولو اختلف فى المفهوم، كأنه قيل المنتسبون الى الله بعلمهم، فهم علماء منسوبون الى الله بالعلم، وقيل الربانيون أعظم لتقدمهم فى الذكر وهم العبادون المشتغلون بالعبادة كالصلاة والتسبيح، والأحبار الجامعون للعلم، الحاكمون به الناشرون له، وقيل الربانيون الولاة والحكام، والأحبار العلماء. وقيل الربانيون علماء النصارى والأحبار علماء اليهود، فان النصارى يحكمون بالتوراة قبل نزول الانجيل، ويحكمون بها أيضاً بعد فيما لم ينسخه الانجيل، وعطف الربانيون والأحبار على النبيون، وقيل المراد بالربانيين والأحبار علماء اليهود الذين جاءوا باليهود واليهودية الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويبحث فيه بأن الجائين بهما ليسوا ممن يمدحه الله لكفرهم، ولأنهم قصدوا ترك الرجم، ولم يعملوا به، نعم يحتمل أن يراد عبد الله بن سلام ونحوه ممن أسلم منهم.

السابقالتالي
2 3