الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقْطَعُوۤاْ أَيْدِيَهُمَا جَزَآءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

{ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقطَعُوا أيدِيَهُمَا } اذ نزلت فى طعيمة بن أبيرق، وليس بمشرك لما ناسبت السرقة المحاربة وسائر الكفر، ذكرها بعد، والسارق مبتدأ خبره محذوف على حذف مضاف، أى مما يتلى عليكم حكم السارق والسارقة، وقيل السارق مبتدأ خبره اقطعوا أيديهما على الاخبار بجملة الطلب، وقرن بالفاء لشبه المبتدأ مع أل باسم الشرط وفعل الشرط، كأنه قيل من سرق ومن سرقت، ويجوز كون الفاء فى جواب أما أى وأما السارق فاقطعوا، وعديد هذا ما مر من حكم المحارب، وقرأ عيسى بن عمير السارق والسارقة بالنصب على الاشتغال، وقرن المشغول بالفاء للتأكيد، ولشبه أل بأداة الشرط، لأنها موصول للعموم، ولم يرد به الخصوص، ولو خص سبب النزول، وذلك أنه لما ناب المشغول عن الشاغل صار السارق كأنه منصوب بالمشغول متصل، فكأنه اسم شرط مفعول مقدم لجوابه كذا ظهر لى. والنصب على الاشتغال راجع على الابتداء اذا كان الاخبار بالطلب، ولذا اختار سيبويه قراءة النصب والسرقة أخذ الانسان مال غيره فى خفية، بحيث لا يجوز له أخذه، وانما يوجب القطع اذا كانت من حرز وكان المسروق ربع دينار أو ما يساويه فصاعداً. قالت عائشة رضى الله عنها " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تقطع يد السارق الا فى ربع دينار " ودينار الدماء عندنا كأرش الجروح ودية الأعضاء، ودية الانسان والنكاح أثنى عشر درهماً، فربع الدينار ثلاثة دراهم، فالقطع فى ثلاثة دراهم، وبعض أصحابنا يجعله من ستة عشر درهماً، فربعه ربعه وكذا فعل الشيخ عامر فى الايضاح، وأكثر أصحابنا على الأول، وبه قال مالك وأحمد واسحاق، فالقولان متفقان فى أن القطع فى ربع دينار، وهو مذهب الجمهور أبى بكر وعمر وعثمان، وعلى وجابر بن زيد، وأصحابنا، وعمر بن عبد العزيز والأوزاعى والشافعى، الا أنهم اختلفوا فى الدينار بعد ما ورد أن القطع فى ربعه. واحتج من قال بالثلاثة برواية عمر رضى الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قطع سارقاً فى مجن قيمته ثلاثة دراهم، ففسروا الدينار باثنى عشر درهما اذ لم يروا أنه قطع صلى الله عليه وسلم فيما دون، ولا قائل أن ربع الدينار أقل من ثلاثة والمجن الترس، وعن أبى هريرة أن قدر النصاب الذى تقطع به اليد خمسة دراهم، وعن عمر لا تقطع لخمس الا فى الخمسة، وبه قال ابن أبى ليلى لما روى عن أنس أنه قطع أبو بكر فى مجن قيمته خمسة دراهم. وفى رواية عن أنس أنه قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مجن قيمته خمسة دراهم، والصحيح أن أنس قال قطع أبو بكر فى مجن قيمته خمسة دراهم، وعن أبى هريرة القطع فى أربعة دراهم، وكذا عن أبى سعيد.

السابقالتالي
2 3 4 5