الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي ٱلأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوۤاْ أَوْ يُصَلَّبُوۤاْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ ٱلأَرْضِ ذٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ }

{ إِنَّمَا جَزَآءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ } على حذف مضاف، أى يحاربون أولياء الله ورسوله، لأن الله لا يحاربه أحد لا يقاتله و لا يسلب عنه شيئاً تعالى عن ذلك، وأما رسوله فذلك ممكن معه، ولكن عطف على لفظ الجلالة فقدر لهما مضاف واحد، فبعد تقديره تكسر لام رسوله، ويجوز أن لا يقدر مضاف فى حق رسوله، فبعد تقديره قبل لفظ الجلاله تبقى لام رسوله مفتوحة للعطف على لفظ المضاف، وهو أولياء وقيل التقدير يعطف على لفظ الجلالة، وأصل المحاربة أخذ مال أحد، تقول حرب الرجل ماله أى سلبه فهو محروب وحريب، ثم استعمل فى القتل والضرب وأنواع المضار، وأخذ المال. ويجوز أن يراد بالمحاربة ما خلفة الله ورسوله فى أمرهما ونهيهما، وذلك تشبيه للمخالفة بنحو القتال، فلا يقدر مضاف، والمفاعلة فى ذلك كله على بابها، وفى الآية تعظيم المؤمنين، اذ جعل محاربتهم محاربة لله عز وجل، وذلك اذا قدرنا يحاربون أولياء الله ظاهر، وأما اذا فسرنا المحاربة بمخالفة الله ورسوله ففيه التعظيم لهم، أيضا لتمسكهم بما لا يخالف الله، ولأن مخالفة رسوله مخالفة لولى الله وغيره تبع له. والمراد بأولياء الله المقدر من هو فى الظاهر ولى لله ولو لم يكن عند الله كذلك، أو كل من هو جار فى سيرته على دين الله فى القتال والأحكام الظاهرة. واعلم أن تفسير المحاربة بمخالفة دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم أولى، لأنه أعم فائدة، لأن الجزاء المذكور للذين يحاربون لا يختص بمن حارب المسلمين والموحدين، بل يعم من قطع الطريق على من لا يجوز قطعها عنه ولو مشركاً، وكذا من أخذ مال من لا يجوز أخذ ماله ولو مشركا، أو أخاف من لا يجوز اخافته، فذلك وهم المشركون أهل الذمة، وأما من فعل ذلك بغير أهل الذمة من المشركين الذين لم يخاطبهم الامام فلا يفعل به ذلك، ولكن ينهى ويرد ما أخذ من مال أو ولد أو نفس، الا ان نهاه الامام ولم ينته فانه يجازى بذلك. { وَيَسعَونَ فِى الأَرْضِ فَسَادًا } أى يجتهدون فى الأرض فساداً، شبه الاجتهاد فى أمر باسراع المشى فى الأرض، والمراد بالمحاربة والسعى مطلق المعاصى التى يترتب عليها ما يذكر بعد من التقتيل والتصليب، وتقطيع أيديهم وأرجلهم من خلاف، والنفى فى الأرض، فان كل معصية منها تسمى محاربة لله ورسوله، وسعياً فى الأرض بالفساد. وقيل المراد بالمحاربة قطع الطريق، وقيل المكابرة باللصوصية والسعى فى الأرض هو باقى المعاصى الموجبة لما يترتب عليها مما ذكر، وقطع الطريق انما يكون من قوم يجتمعون ولهم منعة ممن أراد الانصاف منهم فيتعرضون للمال والنفس.

السابقالتالي
2 3 4 5