الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ مِنْ أَجْلِ ذٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي ٱلأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ ٱلنَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِٱلّبَيِّنَٰتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُمْ بَعْدَ ذٰلِكَ فِي ٱلأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }

{ مِنْ أَجلِ ذَلِكَ } الذى فعل قابيل من قتل أخيه، فقال نافع يتعلق بأصبح أو بالاستغراب الذى فى قولهمن النادمين } أى أصبح ثابتاً من النادمين من أجل قتله أخاه، فالوقف على لفظ ذلك، وقيل ان الوقف على النادمين، وان من أجل ذلك يتعلق بكتبنا بعده، وعليه الجمهور، ومن للابتداء أى حصل له الندم من أجل ذلك، أى تحصلت الكتابة من جنايته تلك، أو هى للسببية على الوجهين. وان قلت كيف يكون فعل قابيل سبباً للكتابة على بنى اسرائيل لما ذكر، أو مبتدأ له؟ قلت لما فيه من المفاسد، ومحو جميع الفضائل، أى لعظم تلك المفاسد، ومحو الفضائل، أو من ذلك المبتدأ فشددنا على بنى اسرائيل بأن قاتل نفس بغير نفس أو فساد كان كقاتل الناس جميعاً، وأما القاتل من غيرهم غير قابيل فقاتل نفس لا كقاتل الناس جميعاً، وخص بنى اسرائيل بهذا التشديد لمبالغتهم فى القتل، فكانوا يقتلون الأنبياء ويستحلونه، كما قتلوا يحيى وزكريا وغيرهما، وقتلوا الذين يأمرون بالقسط من الناس، وهموا بقتل عيسى وباشروا ونجاه الله. وقيل الناس كبنى اسرائيل فى ذلك، ولكن خصوا بالذكر لمبالغتهم فى القتل وشدة قسوتهم، وامتناعهم عن الطاعة، ويتبين ذلك بتقدير مضاف أى، من أجل مفاسد ذلك القتل، أو يشار بذلك للمفاسد المعلومة من الكلام وأجل بفتح الهمزة واسكان الجيم مصدر أجل شرا، أى كسبه وجناه، وهو هنا كذلك، أى لكسب ذلك، أى لكسب قابيل ذلك، أو من كسب ذلك أعنى المبدأ فليس أجل تعليلا، وانما التعليل بمن أو بغيره من حروف التعليل اذا دخل على أجل، اذ لو كان أجل تعليلا لم يدخل عليه حرف التعليل فى قولهم مثلا لأجل كذا، الا أنهم توسعوا فى أجل فاستعملوه فى كل كسب، سواء الخير أم الشر، وفى غير الكسب فيقال من أجل ذلك أو لأجل ذلك بمعنى من شأن ذلك، ومن استعماله على أصله قوله
وأهل خباء صالح ذات بينهم قد احتربوا فى عاجل أنا آجله   
أى فى شر عاجل أنا كاسبه، ويقال أيضا فعلته من جراك، أى من أن جررته، وهو فعلى من الجر أى من كسبك، من جرواك أى من كسبك، وهو من جرا يجرو كدعا يدعوا بمعنى كسب، وكلاهما بمعنى من أجلك، وقرأ أبو جعفر من أجل ذلك بكسر الهمزة وهو لغة، وقد ينقله للنون. { كَتَبْنَا } أى فرضنا. { عَلَى بَنِى إِسرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيرِ نَفسٍ } توجب القصاص. { أَوْ فَسَادٍ فِى الأَرضِ } العطف على نفس، أى أو بغير فساد، وأو بمعنى الواو، أو لتنويع النفس المحللة للقتل الى نفس موجبة للقصاص، والى نفس ذات موجب للقتل كالشرك وزنى المحصن واللواط مطلقاً، وقطع الطريق والطعن فى الدين.

السابقالتالي
2 3