الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَبَعَثَ ٱللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي ٱلأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـٰذَا ٱلْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ ٱلنَّادِمِينَ }

{ فَبَعَثَ اللهُ غُرَاباً يَبحَثُ فِى الأَرضِ } يحفر. { لِيُريَهُ } أى ليريه الله أو ليريه الغراب. { كَيفَ يُوَارِى سَوءَةَ أَخِيهِ } أى جسد أخيه، لأنه ميت، فكان مما يستقبح أن يرى ولأنه قد فسد من طول بقائه غير مدفون وأنتن، أو أراد عورته وما لا يجوز النظر اليه منه، ويدفن غير ذلك تبعاً أيضاً، ولئلا يؤكل أو يفسد فيه كما دفن الغراب الغراب كله، وسنة الميت الدفن لا التسقيف عليه، لأن الله بعث غراباً ليريه كيف يفعل، والغراب لم يسقف بل دفن، ولو أن السنة أجازت اللحد لوجب الدفن بلا حائل سقف. والكلام على أن شرع من قبلنا شرع لنا هو الصحيح، ولو شهر خلافه وعليه جرى فى الايضاح كما صحح فى السؤالات، وعليه يحمل كلام الايضاح فى باب الاجارات، ولا يرد عليه ردا، وكيف حال من ضمير يوارى وهى استفهامية علقت الاراءة عن التسلط على مفعول به ثان منصوب غير جملة، فالجملة جملة يوارى مفعول الثانى وتعدى الى اثنين، لأن فيه همزة. قيل بعث الله الغراب ولم يبعث غيره من الطير ولا من الوحش، لأن القتل كان مستغرباً جدا اذ لم يكن معهودا قبل ذلك، فناسب بعث الغراب. وذكروا أنه لما رجع آدم من مكة قال لقابيل أين هابيل؟ فقال لا أدرى، فقال آدم عليه السلام اللهم لعن أرضا شربت دمه، فمن ذلك الوقت لم تشرب الأرض دما، ثم ان آدم بقى مائة عام لا يتبسم حتى جاءه ملك الموت فقال له حياك الله يا آدم وبياك، قال وما بياك؟ قال أضحكك. وعن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم " امتن الله تعالى على ابن آدم بالريح بعد الروح ولولا ذلك ما دفن حبيب حبيبا " وقابيل قيل انه أكبر ولد آدم، وهو أول من يساق الى النار من ولد آدم، قال الله تعالىربنا أرنا اللذين أضلانا من الجن والانس } وهما قابيل وابليس فما قال مجاهد. وعن أنس " سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن يوم الثلاثاء فقال " يوم الدم فيه حاضت حواء، وفيه قتل ابن آدم أخاه فلا تحتجموا فيه " قال مقاتل وكان قبل ذلك السباع والطير تستأنس بآدم، فلما قتل هابيل هربت منه الطير والوحش، وشاكت الأشجار، وكانت قبل ذلك بلا شوك، وحمضت الفواكه، وملحت المياه، واغبرت الأرض. وعن الأوزاعى حدثنا المطلب بن عبد الله المخزومى لما قتل ابن آدم أخاه رجفت الأرض بما فيها سبعة أيام، ثم شربت الأرض دمه كما تشرب الماء، فناداه الله تعالى أين أخوك هابيل؟ قال ما أدرى ما كنت عليه رقيبا فقال الله تعالى ان صوت أخيك لينادينى من الأرض فلم قتلت أخاك؟ قال فأين دمه ان قتلته فحرم الله تعالى من يومئذ على الأرض أن تشرب دما بعده أبدا.

السابقالتالي
2 3