الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةُ وَٱلْدَّمُ وَلَحْمُ ٱلْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ ٱللَّهِ بِهِ وَٱلْمُنْخَنِقَةُ وَٱلْمَوْقُوذَةُ وَٱلْمُتَرَدِّيَةُ وَٱلنَّطِيحَةُ وَمَآ أَكَلَ ٱلسَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِٱلأَزْلاَمِ ذٰلِكُمْ فِسْقٌ ٱلْيَوْمَ يَئِسَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَٱخْشَوْنِ ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإِسْلٰمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ } هى ما خرجت روحه بلا ذكاة شرعية، وله دم أصل وهو برى، ومن الذكاة الصيد اذا مات الحيوان به بمحدد أو معلم، وان عاش فى البر والبحر لم يحل أكله الا بذكاة، وأجاز بعض قومنا أكل الضفدع بالذبح، وبعض بلا ذبح يراه من الصيد بمعيشه فى الماء، واستثنت السنة الجراد والسمك من بعض الميتة لغة، وأما فى التعريف فقد خرجا منها، وقد يحرم ما لا دم له لخبثه ولو لم يكن نجسا كالعقرب وللسم. والمراد بتحريم الميتة تحريم أكلها وبيعها وشرائها وثمنها وكل انتفاع بها ولو استصباحا أو دهنا لما لا يشرط له الطهارة أو غسلا، ورخص بعض فى أكل ما نبت على الميتة ان وصلت عروقه الأرض. قال الخازن وسبب تحريم الميتة أن الدم لطيف جدا، فاذا مات الحيوان حتف أنفه احبس ذلك الدم وبقى فى العروق فيفسد ويحصل منه ضرر عظيم. { وَالدَّمُ } المسفوح، وحل بالسنة الكبد والطحال، بينت السنة أنهما دمان، وانهما حلال، وحل علقات القلب، وقيل لا، وكذا دمه، وحل دم السمك على الصحيح الحق، وقيل ليس ذلك دما لأنه يكون أبيض اذا يبس، وكان أهل الجاهلية يصبون دم ما ذبحوا أو نحروا ويفصدونه أيضا من نحو ناقة حية، ويجعلونه فيها، ويشوونه فنهى الله عن ذلك، وكانوا يقولون ما حرم من فَزْد له أى فصد له. { وَلَحْمُ الخَنزِير } وسائر أجزائه كلها، وخص اللحم بالذكر لأنه المقصود جدا، وحرم لئلا يتأثر أكله بحرص الخنزير، والرغبة فى المشتهيات، وعدم الغيرة، فانه يرى خنزيرا ينزو على الشاة ولا تصيبه الغيرة، كما تصيب الكبش والتيس. { وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ } أى وما رفع الصوت عليه عند ذكاته لغير الله، كقولهم عندها باسم اللات والعزى، والباء بمعنى على، وبه نائب الفاعل، أو الهاء وحدها، وفى السؤالات نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذبائح الجن، وذلك اذا لم يذكر اسم الله عليها انتهى، فما ذبح للجن وذكر اسم الله عليه أكل، وان لم يذكر لم يؤكل، وان ذبح للصنم وذكر اسم الله أكل، وان ذكر اسم الصنم وحده أو مع اسم الله لم تؤكل. { وَالمُنخَنِقَةُ } يخنقونها فتختنق، أو تخنق نفسها بالحبل الذى هو كحلقة فى عنقها فتختنق، وكان أهل الجاهلية يخنقون الشاة فتموت فيأكلونها، فحرم الله ذلك، وذلك أنها ماتت بلا سيلان دم، وليس ذكرها بعد ذكر الميتة تخصيصا بعد عموم، لأن الميتة فى عرف العرب غير ما مات بالاختناق. والخنق عندهم قتل كالذكاة، والظاهر أن التاء فى البهيمة والميتة للقتل من الوصفية الى الاسمية لتناسى الوصفية، وفى المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة للتأنيث، لتبادر بقاء الوصيفة بالدلالة على الحدث، ويقرب لهذا أيضا لفظ ميتة كأنه قيل البهيمة المنخقة، والبهيمة الموقوذة، والبهيمة المتردية، والبهيمة النطيحة، وقيل التاء فيهن للنقل من الوصفية الى الاسمية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8