الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ }

{ وَاتلُ } يا محمد. { عَلَيهِمْ } على مشركى قريش، أو مشركى العرب، أو على اليهود والنصارى، وهو عندى أظهر أو على الكل. { نَبَأَ ابْنَى آَدَمَ } خبرهما، وهما هابيل وقابيل عند الجمهور، كان أولاد آدم ذكرهم يتزوج توءمة أخيه الآخر بوحى الله باباحة ذلك، وكانت توءمة قابيل أجمل من توءمة هابيل، وهى لهابيل، فسخط قابيل. وعبارة القاضى أوحى الله تعالى الى آدم أن تزوج كل واحد منهما توءمة الآخر، فسخط قابيل لأن توءمته أجمل، ولعل ذلك أول ما يتزوج ابن آدم ببنت آدم، فكان سنة لمن بعدهما من أولاد صلبه، أو أوحى اليه بالكل، ولو خص السبب بهما فقال لهما آدم قربا قرباناً فمن أيكما قبل تزوجها، فقبل قربان هابيل، بان نزلت نار فأكلته، فازداد قابيل سخطاً وهذا أن الله أوحى اليه بتزوج التوءمة على طريق الاباحة، ولو شاء كل تزوج توءمة نفسه، والا لم يجعل القربان لذلك كالقرعة. وكانت أمنا حواء عليها السلام تلد لأبينا آدم فى كل حمل غلاماً وجارية، كان جميع ما ولدته أربعين ولداً فى عشرين حملا، وقيل الاشيث ولدته منفرداً، وأولهم قابيل وتوءمته اقليما، وآخرهم عبد المغيث وتوءمته أم الغيث، وابرك الله تعالى فى نسل آدم. قال ابن عباس لم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفا، ورأى آدم فيهم الزنى وشرب الخمر وقتل النفس، وذلك أن قابيل قتل هابيل، واختلف فى مولدهما قال بعضهم غشى آدم حواء بعد مهبطهما الى الأرض بمائة سنة، فولدت قابيل وتوءمته اقليما من بطن، ثم هابيل وتوءمته لبود من بطن. وقيل تغشى آدم حواء فى الجنة قبل أن يصيب الخطيئة، فحملت بقابيل وتوءمته فولدتهما بلا وجع ولا طلق ولا دم لطهر الجنة عن ذلك، ثم هبطوا الى الدنيا، ولما اطمأن بها تغشاها فحملت بهابيل وتوءمته، وولدته بوجع وطلق ودم، وكان اذا كبر الولدان زوج غلام هذا البطن جارية البطن الآخر، وكان الرجل يتزوج من أخواته من شاء الا توءمته التى ولدت معه من بطن واحد لا تحل له، وذلك لأنه لا نساء يومئذ الا أمهم حواء وأخواتهم، فذكر آدم لهابيل أن يتزوج أخت قابيل فرضى، وذكر لقابيل أن يتزوج أخت هابيل فسخط وقال هى أختى ولدت معى من بطن واحد ونحن من أولاد الجنة، وأنا أحق بها، وهى أحسن من أخت هابيل، وهما من أولاد الأرض، وهو أحق بأخته، فقال آدم عليه السلام لا يحل لك، فأبى أن يقبل، وقال ان الله تعالى لم يأمرك بذلك، وانما هو من رأيك وأمرهما بالقربان. وقال معاوية بن عمار سألت جعفر الصادق أكان آدم زوج بنته من ابنه؟ قال معاذ الله لو فعل ذلك آدم ما رغب عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ان الله تعالى لما أهبط آدم الى الأرض وحواء، وجمع بينهما ولدت حواء بنتاً سماها عناق، فبغت وهى أول من بغى على وجه الأرض، يعنى زنت، فسلط الله عليها من قتلها، وولدت بعدها قابيل ثم هابيل، ولما أدرك هابيل أظهر الله جنية من ولد الجان يقال لها جمانة فى صورة انسية، فأوحى الله الى آدم أن زوجها قابيل، فزوجها منه،ولما أدرك هابيل أهبط الله على آدم حوراء فى صورة أنسية وخلق الله لها رحماً وكان اسمها نزلت، ولما نظر اليها هابيل أعجبته، فأوحى الله الى آدم أن زوج نزلت من هابيل، ففعل فقال قابيل يا أباه ألست أكبر من أخى، وأنا أحق بما فعلت به منه، فقال يا بنى ان الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء، قال لا ولكنك آثرته على بهواك، قال ان كنت تريد أن تعلم ذلك فقربا قرباناً فأيكمل تقبل قربانه فهو أولى بالفضل، فتقربا فتقبل قربان هابيل.

السابقالتالي
2 3 4