الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي ٱلأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

{ قَالَ فَإِنهَا } أى الأرض المقدسة. { مُحَرَّمَةٌ عَليْهِم } ممنوعة عنهم، لا يدخلونها ولا يسكنونها غير عبدى يوشع وعبدى كالب. { أَربَعِينَ سَنَة } أربعين ظرف زمان متعلق بمحرمة، وبعد الأربعين يدخلها من حيى منهم ممن ولدوا فى أرض التيه، وممن دخل التيه دون عشرين سنة من عمره، وباقيهم أميتهم فى التيه، وقيل حيى بعض الباقى فدخلوها وهو الظاهر المتبادر أنها لهم بعد الأربعين، وقيل لم يدخلها أحد ممن قال انا لن ندخلها، بل ما توفى التيه بعد قتل الجبارين أولادهم، فقيل هم أربعين سنة يرحلون عند الصبح الى مصر، فيمسوا فى موضع رحلوا منه، وقيل لما أيسو تركوا الرحيل، وذلك نقمة عليهم، ونعمة وراحة على موسى وهارون ويوشع وكالب. وقيل ان الله حرمها عليهم تعبداً لا منعاً، وهذا بعيد لأنه لو كان ذلك لعصوا وخرجوا، وأيضاً لفظ يتيهون يضعف هذا، وقيل أربعين متعلق بيتيهون بعده، فيكون التحريم مطلقاً غير مقيد بمدة على هذا، فهى محرمة أبداً عليهم فى هذا القول الى الموت، فماتوا كلهم فى التيه، فلم يدخلها الا من ولد فى التيه أو دخل التيه غير بالغ الحلم، والأصل تعلق أربعين بمحرمة، لأن فيه عدم التقديم، واذا علق بمحرمة كان التيه مطلقاً فيصدق بأنهم تاهوا حتى أيسوا من اهتداء الطريق الى مصر فتركوا الرحيل، والأظهر أن يعلق بأحدهما فبقدر مثله للآخر. روى أنهم دخلوها بعد الأربعين، وهو يقوى تعليقه بمحرمة، ومن بقى منهم فتحوها مع موسى فتح أريحا، وأقام فيها ثم مات، وقيل قبض فى التيه وأوصى يوشع بقتال الجبارين، وصحح الأول لاشتهار أن موسى قتل عوجاً، فهو الذى قاتل الجبارين، وجعل يوشع على مقدمته، واختلفوا هل كان موسى يخرج من التيه وهارون حيث شاءا؟ أو أما أن يقال لم يدخلاه لقولهفافرق بيننا وبين القوم الفاسقين } فلا يصح لأنه بلا شك يضرب لهم الحجر للماء. { يَتِيهُونَ فِى الأَرضِ } يمشون فيها على طريق متحيرين لا يدرون الطريق، قيل أربعين سنة فى ستة فراسخ، يسيرون من الصباح الى المساء، فاذا هم فى موضع الرحلة، وهم ستمائة ألف فارس، ولكل مائة ألف فرسخ مسيرة نصف يوم، وقيل ستة فراسخ عرضاً، واثنا عشر طولا، وقيل تسعة عرضاً وثلاثون طولا، ولم يصب من ذلك تعب ولا مشقة موسى وهارون ويوشع وكالب، بل راحة ولهم زيادة درجات كما أعان ابراهيم على النار، وجعلها برداً وسلاماً، وزاد له درجات. وفى بعض القول مات فيه هارون، ثم بعده موسى بسنة، وقيل ماتا خارجاً، وقيل مات موسى ودخل يوشع بعده أريحا بثلاثة أشهر، أما اذا قيل ان التحريم تعبد، وأنهم يعرفون الطريق فلا اشكال فى حصر المفازة لهم وهو ضعيف كما مر، الا أن يقال انهم بعدما يعصون ويعاندون ينقادون، وأما اذا قلنا انهم لا يجدون الطريق فذلك خرق عادة من الله، ولولا ذلك لاتبعوا كوكباً أو الشمس والقمر، فيتصلون بالطريق أو بقرية، ويخرجون، ويمكن أن الله عز وجل ستر عنهم الشمس والقمر والنجوم كما قال الله تعالى

السابقالتالي
2 3 4 5