الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَىٰ أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَآءَ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ ٱللَّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }

{ وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَا نَصَارَى أَخَذنَا مِيثَاقَهُم } من الذين متعلق باخذنا، قدم على طريق الاهتمام بتقبيح المأخوذ منهم، أخزاهم الله، وهاء ميثاقهم عائدة الى الذين، أى وأخذنا من الذين قالوا انا نصارى ميثاقهم، وقيل من الذين خبر لمحذوف موصوف جملة أخذنا، أى ومن الذين قالوا انا نصارى قوم أخذنا ميثاقهم، كقولهم منا قام ومنا ظعن، أى فريق قام وفريق ظعن، وانما لم يقل ومن النصارى لأنهم، قبحهم الله وأخزاهم، ابتدعوا هذا الاسم وافتعلوه، ولم يكن فيهم معناه اذ لم ينصروا الله قليل منهم، ثم زالوا كأنه قيل ومن الذين زعموا أنهم نصارى، واذا ذكرهم فى غير هذه الآية باسم النصارى فعلى مطلق الشهرة بالاسم، ذكر الله أنه أخذ ميثاقهم على لسان رسوله عيسى عليه السلام، وعهد اليهم فى الانجيل أن يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، ولا يخرج عن حكم الانجيل فلم يفعلوا كما قال عز وجل { فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ } تزكوا نصيبهم من الثواب من الايمان برسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن، والعمل بالانجيل، أو زال عن حفظهم بنقض الميثاق حظ من الانجيل والعلم. { فَأَغْرَينَا بَينَهُمُ العَدَاوَةَ وَالبَغضَآءَ إِلَى يَومِ القِيَامَةِ } مقدرين متعلق بأغرينا لا حال مما بعده كما قيل، الا أن يقال مقدرة أى العدواة والبغضاء مقدرى الدوام بينهم بتفرقهم، واختلاف أهوائهم كل فرقة تكره الأخرى، وصاروا كلهم أنصاراً للشيطان الا من شاء الله، والاغراء الالصاق، وقيل الهاء لليهود والنصارى، أغرى الله بين اليهود والنصارى العداوة والبغضاء، والأول أوضح. وكنت على عهد من قصة طويلة فى بواص بالصاد، ويقال أيضاً بالسين والآن تحصلت عليها مختصرة، وهى ما يحكى عن الكلبى أن بولس كان سبب ضلالة النصارى، وكان النصارى على دين الاسلام احدى وثمانين سنة بعد ما رفع عيسى عليه السلام، يصلون الى الكعبة، ويصومون رمضان، حتى وقع فيهم بينهم وبين اليهود حرب، وكان بولس رجلا شجاعا يهوديا قد قتل جملة من أصحاب عيسى عليه السلام، فقال يوماً لليهود ان كان الحق مع عيسى فكفرنا به، فالنار مصيرنا، فنحن مغبونون ان دخلوا الجنة ودخلنا النار، ولكن سأحتال وأضلهم حتى يدخلوا النار، وكان له فرس يقال له العقاب يقاتل عليه، فعرقب فرسه وأظهر الندامة، وضع على رأسه التراب. فقالت له النصارى من أنت؟ فقال بولس عدوكم، وقد نوديت من السماء أن ليس لك توبة الا أن تنتصر، وقد تبت، فأدخلوه الكنيسة فدخل بيتاً فيها فأقام سنة لا يخرج منه ليلا ولا نهاراً حتى تعلم الانجيل، ثم خرج فقال نوديت أن الله قد قبل توبتك فصدقوه وأحبوه، ثم مضى الى بيت المقدس، واستخلف عليهم نسطور، وعلمه أن عيسى ومريم والاله كانوا ثلاثة، ثم توجه الى الروم وعلمهم اللاهوت الناسوت، وقال لهم لم يكن عيسى بانسى ولا بجنى، ولكنه ابن الله، وعلم ذلك رجلا يقال له يعقوب، ثم دعى رجلا يقال له ملكان وقال ان الاله لم يزل ولا يزال عيسى.

السابقالتالي
2 3