الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ ٱللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّيۤ أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ ٱلْعَالَمِينَ }

{ قَالَ اللهُ } اجابة لدعاء عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام. { إِنِى مُنَزِّلُهَا } باسكان النون وتشديد الزاى عند نافع وابن عامر وعاصم، وقرأ غيرهم بفتح النون وكسر الزاى مشددة. { عَلَيْكُم فَمَن يَكْفُر بَعْدُ } بعد تنزيلها. { مِنْكُم فَإِنِى أُعَذِّبُهُ عَذَاباً } اسم مصدر مفعول مطلق، أى أعذبه تعذيباً أو مفعول به على نزع الخافض، أى بعذاب على أن يراد بالعذاب المعنى الحاصل بالمصدر. { لا أُعَذِّبُهُ } الهاء مفعول مطلق، لأنها بمعنى المصدر لعودها الى العذاب الواقع بمعنى التعذيب، أو على تقدير الباء، أى لا أعذبه وفى الهاء على الوجهين استخدام لا نفى لتذيبه مبنى لفظاً على أمكن ثبوته، تقول لا يبصر فيمن يمكن أن يبصر، وللقول جدار أعمى لا يبصر، فعلمنا أن هذا استخدام لأن تعذيب ذلك لا يعذب به ذلك بل مثله من جنسه. { أحَداً } مفعول به لأعذب، وليس له مفعولان، لأن الهاء مفعول مطلق، أو على تقدير الباء وجملة لا أعذبه نعت عذاباً. { مِّنَ العَالَمِينَ } نعت لأحد، وذلك التعذيب فى الدنيا وهو مسخهم قردة وخنازير، والمراد بالعالمين العالمون مطلقاً، فان المعتدين فى السبت مسخوا قردة فقط، ومن وراء عذاب الدنيا عذاب الآخرة، وقيل المراد عالموا زمانهم، وقيل مسخوا خنازير ولم يمسح قبلهم أحد خنزير، أو قيل المراد عذاب الآخرة، قال ابن عمر أشد الناس عذاباً يوم القيامة المنافقون، ومن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون. قال قتادة، عن حلاس بن عمرو، عن عمار بن ياسر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نزلت المائدة عليها خبز ولحم " وذلك أن عيسى عليه السلام سألوه طعاماً يأكلون منه، ولا ينفد فقال، لهم انى فاعل، وانها مقيمة لكم ما لم تخبئوا أو تخونوا، فان فعلتم ذلك عذبتم، فما مضى يومهم حتى خبئوا وخانوا، وفى بعض الروايات أن بعضهم سرق منها وقال لعلها ترفع فلا تنزل أبداً فرفعت، ومسخوا قردة وخنازير. وروى أنه لما صاموا الثلاثين يوماً التى أمرهم بها قالوا صمنا وجعنا، فادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء، فلبس المسوح، وافترش التراب، ودعا الله عز وجل وقال اللهم أنزل علينا مائدة من السماء، فأقبلت الملائكة بمائدة يحملونها، عليها سبعة أرغفة، وسبعة أحوات حتى وضعوها بين أيديهم، فأكل منها آخر الناس، كما أكل منها أولهم. وعن عطاء، عن زادان وميسرة كانت المائدة اذا وضعت لبنى اسرائيل اختلفت عليها الأيدى بكل طعام الا اللحم، وقيل نزلت من السماء سمكة فيها طعم كل شىء، وعن قتادة كانت مائدة تنزل من السماء، وعليها ثمر من ثمار الجنة، تنزل بكرة وعشية، حيث كانوا كالمن والسلوى، وقيل كانت تنزل ويأكلون منها ما شاءوا.

السابقالتالي
2 3 4