الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَوْمَ يَجْمَعُ ٱللَّهُ ٱلرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَآ أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَآ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

{ يَوْمَ يَجْمَعُ اللهُ الرُّسُولَ } بيهدى، وهو يوم القيامة، وقال الزجاج تعلق باتقوا قبل، وهو ضعيف، وقيل بدل اشتمال من لفظ الجلالة، ولا اشكال فيه، لكون المعنى اتقوا الله يوم جمعه، فهو كقولك فنفعنى زيد علمه الا على قول من اشترط فى بدل الاشتمال فيهم البدل لو أسقط، وقائل هذا بعد أعجبنى زيد أبوه من بدل الاضراب، أو بدل من مفعول اسمعوا المحذوف على حذف مضاف فى البدل، أى خير يوم يجمع الله الرسل، أو مفعول لا ذكر محذوفاً، أو متعلق بمحذوف أى يكون كيت وكيت يوم يجمع الله الرسل، وخص الرسل بالذكر لأنهم قادة الخلق وهم المكلمون أولا. { فَيَقُولُ } أو احذروا أو تذكروا. { مَاذَا أُجِبْتُمْ } والاستفهام توبيخى بالنظر الى أقوام الرسل، تقريرى بالنظر الى الرسل، وماذا اسم واحد مركب مفعول مطلق واقع على الاجابة، بمعنى أى اجابة أجابكم لقوامكم حتى دعوتموهم للتوحيد والطاعة، أو ما مبتدأ واذ خبره بمعنى الذى، أى ما الجواب الذى أجبتموه، فعائد الموصول محذوف هو الهاء مفعول مطلق، أو ماذا اسم مركب مقدر بالياء متعلقة بأى، أى أجبتم بماذا أجبتم. { قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا } نسوا عليهم السلام ما أجابهم به أقوامهم للدهشة من هول الحشر، قاله الحسن، ومثله قول مجاهد يفزعون فيقولون لا علم لنا، واعترض بقوله تعالىلا يحزنهم الفزع الأكبر } ويجاب بأنهم دهشوا عند السؤال ولم يحزنوا، وليس الدهش يوجب الحزن ويزول بعد ذلك دهشهم فيشهدوا بالتبليغ وأولى من ذلك أن يقال الفزع عند الخروج من القبر بدليل " وتتلقاهم الملائكة " وقال ابن عباس لا علم لنا كعلمك فيهم، لأنك تعلم ما أظهروا وما أضمروا، وقيل لا علم لنا بعاقبة أمرهم اذ لا ندرى ما أحدثوا بعدنا، واعترض بأن هذا جواب لا يطابق السؤال، ولا دليل على أن المراد لا علم لنا بما أحدثوا بعدنا، ولو علمنا بما كان على عهدنا. ويناسب هذا القول ما روى أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليردن على الحوض رجال من أصحابى حتى اذ رفعوا الى اختلجوا دونى فلأقولن أى رب أصحابى فيقال انك لا تدرى ما أحدثوا بعدك، فأقول سحقاً لمن بدل بعدى " وفى رواية فأقول " فسحقاً فسحقاً " وقيل لا علم لنا بوجه الحكمة عند سؤالك ايانا عن أمر أنت أعلم به منا، وفى هذا القول ضعف لأنه خلاف ظاهر بلا دليل، ولعدم مطابقة السؤال ولم تظهر حكمة فى مخالفة فى هذا، والقول قبله، وأولى الأقوال ما فسرت به أولا ولو ضعفوه، ويليه ما ظهر لى الآن وهو أن يكون المعنى لا علم لنا حقيق بالأشياء، لوحوا أنهم ولو علموا ما أجيبوا به، ولكن لا يعلمون كلى شىء، ولا يعلمون ما علموا على الحقيقة كما هو عند الله، ويناسب هذا والقول الثانى والثالث قوله تعالى { إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ } ما غاب عنا البتة، وما غاب باطنه وعلمنا ظاهره وقيل تعلم ما فى قلوبنا من علمنا بما جبنا به، ووجه آخر أن يكون المعنى نتصف بالعلم، ولا علم غيب لنا، وانما العالم أنت لعلمك الغيب، فعلمنا كلام علم، ووجه آخر لا علم لنا بما كان بعدنا الا أنا رأيناهم سود الوجوه، زرق العيون، فهم على غير رضاك، ولا نعلم موجب ذلك تفصيلا، وذلك اما اصرار على الشرك، أو ارتداد اليه بعدنا، وقرىء بنصب علام النداء والاختصاص والنعت اسم ان، ففى هذه القراءة يكون أنت خبر ان أى انك الموصوف بأوصافك الكاملة من العلم وغيره.