الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَإِنْ عُثِرَ عَلَىٰ أَنَّهُمَا ٱسْتَحَقَّآ إِثْماً فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ ٱلَّذِينَ ٱسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ ٱلأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِٱللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا وَمَا ٱعْتَدَيْنَآ إِنَّا إِذاً لَّمِنَ ٱلظَّالِمِينَ }

فَإِنْ عُثِرَ اطلع وهو مبنى للمفعول ولا ضمير فيه، به نائب الفاعل هو قوله { عَلَى أَنَهُمَا اسْتَحَقَآ إِثْماً } استوجبا نسبة الاثم أى الذنب اليهما لفعلهما ما هو ذنب كالتحريف والكتم، كذا ظهر لى، وأعجب من قول القاضى فعلا ما أوجب اثماً، وتأوله بأنه أراد تفسير الاثم بلازمه وهو العقاب، ثم رأيت ما ذكرته وجهاً ثانياً فى الكشاف، لكن ذكر أولا ما ذكره القاضى، فيحتاج لهذا التأويل الذى أولت به كلام القاضى والضميران فى أنهما استحقا للاثنين أو آخران. { فَآخَرَانِ } مبتدأ أى فشاهدان آخران، فمسوغ الابتداء بالنكرة كونها بعد فاء الجواب، وكونها نعتاً لمحذوف، وكونها منعوتة بقوله { مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِم } وساغ الفصل بالخبر، لأن مجزوم الجزاء أزال كون الخبر أجنبياً من الموصوف، والخبر هو قوله { يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } أو آخران فاعل لمحذوف أى فليقم الشهادة شاهدان آخران، وجملة يقومان مقامهما نعت لآخران، أو حال من منعوته المحذوف. { مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِم }أى من الذين أخذ غيرهم ما لهم من الحق فيما يقولون، وادعاه غيرهم أنه حق له وهم الورثة. { الأَوْلَيَانِ } تثنية أولى بفتح الهمزة واسكان الواو، بمعنى أقرب أو أحق، فالمعنى الأقربان الى الميت بالرحم والنسب أو الأحقان بالميت لقرب الرحم والنسب، أو الأحقان بالشهادة، وذلك أن الأقرب أعرف بمال الميت، وأمره والأوليان بدل من آخران أو من ألف يقومان، أو خبر لمحذوف أى هما الأوليان، أو مبتدأ خبره آخران، ويقومان صفة آخران وكذا من الذين، أو من الذين حال من ألف يقومان، أو آخران مبتدأ والأوليان خبره لجواز الأخبار بالمعرفة عن النكرة المخصصة. قرأ حفص، وعلى، وأبى وابن عباس، استحق بالبناء للفاعل، فيكون الأوليان فاعل استحق، ومفعول استحق فى هذه القراءة محذوف تقديره استحق الأوليان التخصيص بالشهادة، أى من الورثة الذين استحق عليهم الرجلان اللذان هما أقرب الورثة التخصيص بالشهادة، أى استحقا على سائر الورثة أن يخصوهما بأن يشهد المزيد قربهما. وقرأ حمزة، ويعقوب، وعاصم فى رواية أبى بكر الأولين بفتح الهمزة واسكان اللام قبلها وفتح الواو مشددة وكسر اللام بعدها وفتح النون على أنه نعت الذين، أو بدل الذين، وقرىء الأولين بهذا الضبط الا اللام بعد الواو فمفتوحة، والياء فسكونها حى، والنون فمكسورة تثنية، والقراءة التى قبل هذه جمع، ونصبه فى هذه على المدح. وقرأ الحسن ببناء استحق للفاعل والأولان بهذا الضبط الا أنه بالألف مكان الياء على أنه فاعل استحق، ومعنى الأولية فى القراءات الثلاث بتشديد الواو تقدمهم على الأجانب فى الشهادة، لأنهم أعلم بأحوال الميت. { فَيُقْسِمَانِ بِاللهِ لَشَهَدَتُنَآ أَحَقُّ مِن شَهَادِتهِمَا } أولى بأن تقبل اللام لام جواب القسم، أو لام الابتداء، والجملة جواب يقسمان، وأحق اسم تفضيل على بابه لاحتمال أن يكون شهادة لكن استحقا اثماً حقاً، ولأن من الناس من يميل اليها ويقول انها حق لكونها نفعاً له.

السابقالتالي
2 3