الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِٱلْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ ٱلأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي ٱلصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ ٱللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ }

{ يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوفُوا بِالعُقُودِ } العقد العهد المؤكد، وهو ما عقد الله جل وعلا على المكلف من فعل الواجب، وترك الحرام، وما عقد الانسان على نفسه من نذر ويمين، وما عقد من بيع ونحوه، ونكاح ومبايعة امام. والوعد وان أخرنا استعمال الكلمة فى حقيقتها ومجازها، أو اعتبرنا عموم المجاز، أو قيل الأمر مشترك بين الوجوب والندب، حملنا العقود على ما يعم المندوب إليه. وعن ابن عباس رضى الله عنهما العقود ما أوجب الله فى القرآن احرم وصحيح لدلالة ذكر احلال بهيمة الأنعام، وقيل ما يعقده الناس بينهم، وما يعقده الانسان على نفسه، وقيل ما كان من حلف الجاهلية على المناصرة على من ظلمهم، أبقاه الله بعد الاسلام. قال قتادة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أوفوا بعقد الجاهلية ولا تحدثوا عقدا فى الاسلام " ويقال ما كان من عقد فى الجاهلية فان الاسلام لا يزيده الا شدة، ولا حلف فى الاسلام، والحلف فى الاسلام لا يزيده الاسلام الا ذلا، وأنه من تعزز بمعاصى الله أذله الله، وقد نسخ ما نسخ من حلف كقوله تعالىوالذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم } على ما مر فيه، والخطاب فى ذلك كله للمؤمنين، وقيل الخطاب لأهل الكتاب الذين زعموا أنهم آمنوا بما قبل القرآن من كتب الله، أمرهم الله أن يؤمنوا بما عند الله لمحمد فى القرآن، وبالقرآن كله كما قال بن شهاب قرأت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه الى نجران، وهم من نصارى العرب، وفى صدره " هذا بيان من الله ورسوله { يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوفُوا بِالعُقُودِ } الى قوله { ان الله سريع الحساب } ". واختار بعضهم تعميم الأيمان فى الآية لكل أيمان، وان لم يكن فى الباطل، وتعميم العقود فى كل ربط بقول موافق للحق والشرع. { أُحِلَّت لَكُم بَهِيمَةُ الأنعَامِ } كل حى يميز يسمى بهيمة من استبهم الأمر اذا خفى، لأنه لا يعلم ما عندها الا بعض منه على ظنُ، وقيل البهيمة ذات الأربع، وأضيفت الأنعام لبيان البهيمة المحلة، أو للتبعيض، والمراد الأزواج الثمانية المذكورة فى سورة الأنعام، وذكر احلالها بيان للعقود بذكر بعضها، وألحق بالأنعام الظبى وبقر الوحش، لأنها تجتر ولا ناب لها، وهذا قول الحسن وقتادة. وقال الكلبى بهيمة الأنعام الوحش الذى لا ناب له كالظبى وبقر الوحش وحمر الوحش، أى أحلت لكم البهيمة الشبيهة بالأنعام، فتكون الاضافة من اضافة المشبه للمشبه به. وقال ابن عباس بهيمة الأنعام الجنين فى البطن، تذبح أمه أو تنحر، وأخذ بذنب الجنين فقال هذا من بهيمة الأنعام، قال صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3