الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَآءِ ٱلْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ }

{ إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ } بغلظة وجفاء وهم وفد بني تميم وقيل اكثره منهم* { مِن وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ } من للابتداء و الوراء الجهة التي يواريها الشخص بنفسه ولو من قدامه ولذا يطلق الوراء على قدام ايضا ويقال ناداني من وراء الدار اي قطر من اقطارها الظاهرة من غير اعتبار وجه الدار أو دبرها و { الْحُجُرَاتِ } جمع حجرة بالضم فالاسكان وهي القطعة من الارض المجوزة بحائط يحوط عليها فُعّلة بمعنى مفعولة كغرفة وقبضة وقرئ بفتح الجيم وباسكانها والمراد حجرات نسائه صلى الله عليه وسلم تفرقوا عليهن تطلبا لكل واحدة حجرة نادوه مناداة الأجلاف من غير قصد الى جهة ناداه بعض من وراء هذه وبعض من وراء هذه واسند النداء الى جميعهم والمنادى بعضهم فقط لرضى الباقين قيل انهم سبعون وقد قيل ان المنادي عيينة والاقرع والزبرقان بن بدر نادوه وقت الظهيرة وهو راقد يا محمد اخرج الينا يا محمد اخرج الينا أو نادوه من وراء الحجرة التي كان فيها وجمعت تعظيما له صلى الله عليه وسلم وفي ذكر الحجرات وانه صلى الله عليه وسلم نودي منهن كناية عن خلوته بالنساء* { أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } لان العقل يقتضي حسن الأدب ولا سيما لمن كان في هذا المنصب ولفظ الاكثر اما لان فيهم من يعقل وهو قليل والاكثر بمعنى الكثير وهم من لا يرجع عن الشر والقليل يرجع او لان القلة تطلق على النفي ايضا في كلامهم وليس فيهم عاقل وفي الآية بينات عديدة اجلالا له صلى الله عليه وسلم وورد على النظم المسجل به على الصائحين سفها وجهلا والكناية بالحجرات عن الخلوة والمقيل مع بعض نسائه والتعريف بأل لا بالاضافة وتشفيع ذمهم باستجفائهم وضعف عقولهم وضبطهم لموضع التمييز في الخطاب تسلية له صلى الله عليه وسلم وتهوينا لسوء أدبهم وبدأ السورة بالنهي عن التقدمة مطلقا ثم أردفه بالنهي عن الرفع والجهر وهما من جنس التقدمة والنهي عنها وطأ للنهي عنهما ثم أثنى على الغاضين أصواتهم دلالة على عظمته عند ربه وأردف ذلك بذكر ندائهم في حال الخلوة ببعض نسائه نداء الأجلاف بعضهم بعضا لمن يكلمه المهاجرون والأنصار بالسرار للتنبيه على فظاعة فعلهم وعليك بمراعاة الأدب كما حكى عن أبي عبيدة العلامة العمالة ـ رحمه الله ـ انه قال ما دققت بابا على عالم قط حتى يحرج في وقت خروجه فروي انه لما نادوه مرارا وأيقظوه من النوم خرج ونزلت الآية وقال " هم جفاة بني تميم لولا إنهم من أشد الناس قتالا للاعور الدجال لدعوت عليهم أن يهلكوا " وكان نداؤهم في المسجد من وراء الحجرات ولما خرج قالوا له نحن ناس من بني تميم جئنا اليك بشاعرنا وخطيبنا نشاعرك ونفاخرك فقال ما بالشعر بعثت ولا بالفخر أمرت ولكن هاتو فقام شاب فقال الحمد لله الذي جعلنا خير خلقه وآتانا أموالا نفعل بها ما نشاء فنحن من خير أهل الأرض وأكبرهم عدة ومالا وسلاحا ومن أنكر قولنا فليأت بأحسن من قولنا وأفعالنا فقال صلى الله عليه وسلم لثابت بن قيس قم فاجبه فقام وقال الحمد لله سبحانه أحمده واستعينه واؤمن به وأتوكل عليه وأشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله دعا المهاجرين من بني عمه أحسن الناس وجوها واعظمهم احلاما فاجابوه فالحمد لله الذي جعلنا انصاره ووزراء رسوله فنحن نقاتل الناس على أن يشهدوا ان لا اله الا الله فمن قالها منع منا نفسه وماله ومن أبى قاتلناه وكان علينا هنيئا أقول قولي هذا واستغفر الله عز وجل لي وللمؤمنين والمؤمنات فقام ذلك الشاب فقال

السابقالتالي
2 3