الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ }

{ يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ } اي لا يسخر بعض المؤمنين من بعض اذ قد يكون المسخور منه خيراً من الساخر عند الله والناس لا يطلعون الا على ظاهر الاحوال والمعتبر خلوص الضمائر وتقوى القلوب فقد يسخر الرجل بذي عاهة او من رث حاله او بالعي وغير ذلك ولعله يكون اخلص وأتقى من الرجل فيكون مهينا لمن عظم الله والسلف يحذرون ذلك غاية قال عمر بن شرحبيل لو رأيت رجلا يرضع عنزا فضحكت منه خشيت ان اصنع مثل الذي صنع وعن ابن مسعود البلاء موكل بالقول لو سخرت من كلب لخشيت ان احول كلبا والآية نزلت في ثابت بن قيس وذلك انه كان في اذنه وقر فكان اذا اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد اخذوا مجالسهم اوسعوا له الى جنبه ليسمع واقبل يوما وقد فاتته ركعة من الفجر وانصرف صلى الله عليه وسلم فاخذوا المجالس وكان الرجل اذا جاء ولم يجد مجلسا أقام قائما فلما فرغ ثابت من الصلاة جعل يتخطاهم ويقول افسحوا ففسحوا الا رجلا بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم فقال له تفسح فقال قد اصبت مجلسا فاجلس فجلس خلفه مغضبا ولما انجلت الظلمة غمز ثابت الرجل فقال من هذا قال انا فلان فقال له ثابت ابن فلانه ذكر حالة يعير بها في الجاهلية فنكس الرجل رأسه واستحى فنزلت فقال ثابت لا افخر بعدها على احد ابدا في الحسب وقال الضحاك نزلت في وفد بني تميم المذكورين وكانوا يستهزئون بفقراء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كعمار وخباب وبلال وصهيب وسلمان وسالم مولى أبي حذيفة اي لا يستهزئ غني بفقير ولا مستور عليه بمن لم يستر عليه ولا ذو حسب بلئيم وأشباه ذلك مما ينصه به قيل والمعنى وجوب ان يعتقد كل أحد ان المسخور به لعله بما كان عند الله خيرا من الساخر وجملة { عَسَى أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ } مستأنفة جواب للسؤال عن علة النهي والا فالأصل ان توصل بما قوله بالفاء والقوم الرجال خاصة لأنهم القوام بأمور النساء الرجال قوامون على النساء قال صلى الله عليه وسلم " النساء لحم على وضم إِلا ماذب عنه " والذابون هم الرجال وذلك صريح في الآية وفي قول زهير
أقوم آل حصن أم نساء   
واما قولهم في قوم فرعون وقوم عاد هم الذكور والاناث فليس لفظ القوم بمعتاد للفريقين. ولكن قصد ذكر الذكور وترك ذكر الاناث لأنهن توابع لرجالهن وقيل القوم لجماعة من الرجال او من الرجال والنساء معا وعليه فذكر النساء بعد عطف الخاص على العام لزيادة سخريتهن وهو اسم جمع وجمعه لقوام وجمع أقوام أقاويم وقيل هو في الأصل جمع قائم كصوم وزور جمعي صائم وزائر وعليه فاقاويم جمع جمع الجمع وقيل اصله مصدر قام قال بعض العرب اذا اكلت الطعام احببت قوما اي يتحدثون معي وابغضت قوما قياما لانه يستحب القعود بعد الأكل الا في العشاء وعسى اما تامة وما بعدها فاعل او ناقصة وما بعدها اسمها اغنى عن خبرها لاشتماله على المسند والمسند اليه او ناقصة اسمها ضمير الشان وما بعدها خبرها مفسر له ولو كان في تأويل المفرد اعتبارا لوجود الجملة قبل التأويل او لان ان انما دخلت بعد وقوع ما بعدها خبرا وهو جملة وبسطت ذلك في النحو* { وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ } اي ولا تسخر مؤمنات من مؤمنات اذ قد يكون المسخور منهن خيرا من الساخرات نزلت في نسائه صلى الله عليه وسلم عيرن أم سلمة بالقصر قاله أنس

السابقالتالي
2 3 4