الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

{ هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } عن أن تطوفوا به وتعتمروا { وَالْهَدْيَ } عطف على الكاف وهو ما يهدى الى مكة أو الكعبة وقرئ بكسر الدال وتشديد الياء هدِيّ وهو فعيل بمعنى مفعول والأول مصدر بمعنى مفعول وقرئ بالجر عطفا على المسجد أي وعن نحر الهدي وقرئ بالرفع على أنه نائب لمحذوف أي وصد الهدي* { مَعْكُوفاً } مجلوسا حال* { أَن يَبْلُغَ } أي محبوسا على أن يبلغ هو بدل اشتمال من الهدي أو مقدر بعن متعلق بالصد وهذا أولى من تقدير لام التعليل ولا النافية* { مَحِلَّهُ } اي مكانه الذي يحل فيه نحره وينحر فيه عادة وهو منى وكان هديه صلى الله عليه وسلم اذ ذاك مائة بدنة وقيل سبعين ونحره في الحرم وكانت خيمته في الحل ومصلاه في الحرم وبعض الحديبية من الحرم وقد علمت ان المراد محله المعهود وهو منى وهو مكان يحل فيه الذبح قال القاضي مكانه الذي لا يجوز ان ينحر في غيره والا لما نحره الرسول صلى الله عليه وسلم حيث احصر فلا ينتهض حجه لأبي حنيفة واصحابه على أن مذبح هدي المحصر هو الحرم بعلم الجواب من قولي ان بعض الحديبية من الحرم وانه نحر في الحرم وهو فسر أعني أبا حنيفة المحل بموضع حلول النحر ووجوبه ادعى بعض ان المحل مكة والبيت* { وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ } من أصلاب الكفار من سيؤمن في غابر الدهر رواه النقاش والثعلبي عن عليّ عنه صلى الله عليه وسلم والمشهور انهم هم المستضعفون بمكة و { مُّؤْمِنُونَ } نعت لرجال و { مُّؤْمِنَاتٌ } نعت لنساء* { لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ } باعيانهم لاختلاطهم بالمشركين والجملة نعت للمؤمنين والمؤمنات وأجاز غير الجمهور كونها خبرا وكون مؤمنون خبرا لأن ذلك كون خاص والجمهور يوجب حذف الخبر بعد لولا مطلقا اي موجودون وبسطت ذلك في النحو* { أَن تَطَأُوهُمْ } بأرجلكم كناية عن إهلاكهم بدل اشتمال من رجال ونساء اي كراهة ان تطأوهم او من في { لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ } ومن الوطي بمعنى الاهلاك قوله صلى الله عليه وسلم " وان آخر وطأة وطئها الله عز وجل بوج " وهو واد بالطائف كان آخر وقعة النبي صلى الله عليه وسلم به أي لولا ان تقتلوهم لأذن لكم في الفتح* { فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم } اي من جهنم او من وطئهم* { مَّعَرَّةٌ } مفعلة من عره اي عراه ما يكرهه ويشق علي وقيل مأخوذ من العر والعر وهو الحرب الصعبة اللازمة وتلك المعرة الاثم بالتقصير في البحث عنهم وقال الطبري كفارة قتل الخطا لوجوبها دون الدية على قاتل المؤمن في الحرب خطأ وقيل غرم الدية وقال منذر أن يعيبهم الكفار ويقولوا قتلوا أهل دينهم كما فعلوا بنا من غير تمييز وقيل الكفارة والدية وقيل الملام وتأسف النفس في باقي الزمان قلت أو جميع ذلك* { بِغَيْرِ عِلْمٍ } متعلق بـ تطأوهم والاثم مع عدم العمد للتقصير في البحث كما مر وضمائر الغيبة للرجال والنساء تغليبا للرجال* { لِّيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ } متعلق بمحذوف اي كان كف الايدي ليدخل في جنته من يشاء من مؤمنيهم ومشركيهم بان يؤمنوا أو يدخل في توفيقه لزيادة الخير للمؤمنين أو المشركين لتحصيل الايمان وقيل المراد ليدخل من يشاء من أهل مكة في الاسلام بعد الصلح وقبل دخولها* { لَوْ تَزَيَّلُواْ } تميزوا عن الكفار وقرئ تزايلوا وهو قراءة أبي حيوة وقتادة وقيل تزيلوا ذهبوا عن مكة وهو من زال بزيل المتعدي الذي بمعنى ماز يميز لكن لزم لأنه مطاوع وقيل من زال يزول والياء لغة فيه وجواب لولا محذوف عند ابي حيان أي لما كف ايديكم عنهم وقوله* { لَعَذَّبْنَا } جواب لو وقال ابن هشام هو جواب لولا وجواب لو محذوف ويجوز كونه جواب لولا ولا جواب للولا مع مدخولها كالتكرير للولا ومدخولها لمرجعها لمعنى واحد { الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ } من أهل مكة بايديكم بان نأذن لكم في القتال ولكن كففنا ايديكم للمصلحة والصلح.

السابقالتالي
2 3 4 5 6