الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم }

{ هَآ أَنتُمْ هَؤُلآَءِ } قال ابن هشام تدخل هاء التنبيه على الضمير المخبر عنه بالاشارة نحو هأنتم أولاء وقيل انما كانت داخلة على الاشارة فقدمت فرد بنحو هأنتم هؤلاء فأجيب بأنها أعيدت تأكيداً وبسطته في النحو وأنتم مبتدأ وهؤلاء خبر أي أنتم مخاطبون هؤلاء المصوفين وقوله* { تُدْعَوْنَ } استئناف بيان لوصفهم أو هؤلاء منادي وتدعون خبر أو موصول على مذهب الكوفيين وجملة تدعون صلة له وهو خبر { لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ } ما فرض عليكم من الزكاة تؤدونه الى أهله قال بعض ومثلها من وجوه البر وقيل النفقة في الجهاد وقيل الكل { فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ } بما فرض عليه* { وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ } أي لتضمين معنى التعدى بالثواب وعن للمجاوزة. وقال ابن هشام للاستعلاء والظاهر هو الاول لانه الاصل والمعنى يبعد الخير عن نفسه بالبخل* { وَاللهُ الْغَنِيُّ } عن صدقاتكم* { وَأَنتُمُ الْفُقَرَآءُ } اليه والى ثوابها من عنده وفي الحديث وغيره ان طعام الشحيح داء وان الشح أهلك من كان قبلكم وانه حملهم على السفك والقطع والظلم والكذب والزنا تباعدت رجال عن نسائهم ليعتذروا للضيف بعدم النساء ويعتذرون بعدمهم فتناكح الرجال وتناكحت النساء وان الله أمر الجنة أن تتزين وتظهر زينتها وحلف بعزته لا يدخلها بخيل وإنه لا داء أدوى من البخل وشر ما في الرجل شح هالع وان البخيل لا يكون شهيداً. وكان صلى الله عليه وسلم غاية في السخاء وأبى الله له البخل. والسخاء في صورة رجل رأسه في أصل شجرة طوبى وأدلى بعض أغصانها الى الدنيا فمن تعلق بها دخل الجنة وأغصانها مشتبكة بأغصان سدرة المنتهى* وفي رواية السخاء شجرة مغروسة في الجنة أدلى بعض أغصانها في الدنيا من تعلق بها دخلها والبخل عكسه في النار* وشجرة الزقوم أصل له أو شجرة غرست فيها وأدلى بعض أغصانها ولا يدخل الجنة الا سخي ولا النار الا بخيل والله يبغض البخيل في الحياة السخي عند الموت والسخي الجهول أحب اليه من العابد البخيل ولا يجتمع البخيل والايمان في قلب ولا أظلم من البخيل وذنب البخل أعظم من العرش والبخيل يكب في النار ولو صلى ألف ألف عام وأجرى الانهار من الدموع والبخل كفر وكل صباح يدعو ملكان اللهم عجل للممسك تلفاً وللمنفق خلفاً وقيل كل مساء. والسخي قريب من الله والجنة والناس والبخيل بعيد عنهم وأحب الناس الى ابليس الذي آمن وبخل وأبغضهم الفاسق السخي ولن يصلح الدين الا السخاء وخلقان يبغضهم الله البخل وسوء الخلق وكل ما عثر السخي أخذ الله بيده فتجافوا عن ذنبه يا عباد الله ويباهى بمطعم الطعام الملائكة ولا يسأله صلى الله عليه وسلم مسلم الا أعطاه وأمره الله بقتل رجال أسرهم الا رجلاً سخياً ومن شح تعرض للزوال وقال لموسى لا تقتل السامري فانه سخي* { وَإِن تَتَوَلَّوْاْ } عن طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم* { يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ } بخلقهم ويجعلهم بدلكم والخطاب لجميع الناس عند طائفة والقوم سلمان وقومه.

السابقالتالي
2