الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُوۤاْ إِلَى ٱلسَّلْمِ وَأَنتُمُ ٱلأَعْلَوْنَ وَٱللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ } * { إِنَّمَا ٱلْحَيَٰوةُ ٱلدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَٰلَكُمْ }

{ فَلاَ تَهِنُواْ وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ } الوهن الضعف والسلم والصلح والواو للعطف فتدعو مجزوم أو للجمع فمنصوب بأن مضمرة في جواب النهى فالمعنى على الاول ولا تدعوا وعلى الثانى لا يكن منكم وهن ودعاء. قال قتادة لا تكونوا أول الطائفتين ضرعت للاخرى ولا تبدأوهم بالصلح وحاربوهم حتى يسلموا وقرئ تدعو بتشديد الدال افتعل من دعا يدعو بمعنى التداعى أو بمعنى دعا. وقرأ أبو بكر وحمزة بكسر السين { وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } حال مخرجة لما اذا لم يكونوا الاعلين فيجوز لهم الصلح أو هو اخبار بمغيب انهم يعليهم الله ويغلبهم عليهم فهي مستأنفة ويجوز مع هذا كونها حالا فلهم الغلبة وان غلبوا في بعض الاوقات وعلى كل حال فالآية تفيد جواز مصالحة المشركين اما على كون الجملة حالاً فواضح لانها قيل وأما على كونها مستأنفة فلاهم في نفس الامر حين نهوا من الدعاء للصلح أعلى وكذا قوله تعالىوإن جنحوا للسلم فاجنح لها } فان لفظها عام كل صلح بمال أو غيره. قال أبو اسحاق الحضرمي رحمه الله ما نصه وقالوا أيضاً يجوز للامام مصالحة عدوه بمال اذا كان في حال الضعف عن قتاله حذراً أن يستولي عدوه على ملكه من غير أن يكون الصلح على اظهار شيء من دعوة الكفر وتشريعه في دار الاسلام وعلى المسلمين الوفاء بذلك الى المدة ما لم ينقض أهل الكفر العهد وليست المدة شرطاً لان العلة في جواز ذلك ضعف المسلمين فاذا وقع الصلح بلا مدة فاذا قووا واخرجوا من الصلح وأعلموا المشركين. وقال ابن بركة أيضاً ويدل على ان للامام وللمسلمين أن يصالحوا عدوهم عند الضعف والعجز عن محاربته والحذر عن أن يستولوا على مملكته بعد قتله أصحابه قوله تعالى { فَلاَ تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلى السلم وأنْتُم الأَعلون } فمنعهم عن مصالحة عدوهم على هذه الشريطة اذا كانوا هم الأعلون ففي هذا دليل على ان عدم الشريطة وهي الاستظهار على عدوهم يوجب جواز ما يوجبه المنع من مصالحته وقد أخبرني بعض شيوخنا ان أصحابنا من أهل عمان كانوا يحملون الى بني عمارة في كل عام مالاً ليدفعوا به شرهم عن أنفسهم والله أعلم الخ. ومعنى قوله بعد قتله أصحابه ان له أن يحذر أن يقتل العدو أصحابه ويستولي على ملكه وليس المراد انه لا يصالح العدو حتى يقتل العدو أصحاب الامام وقال أيضاً أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي المالكين الأندلسي في كتابه المسمى بكتاب قوانين الأحكام الشرعية ويجوز الصلح مع المشركين لمصلحة كالعجز عن القتال مطلقاً أو في وقت خاص فيجوز بعوض وبغير عوض على ما يكون اسداداً للمسلمين. والاصل الأعلوون بواوين حذفت ضمة الاولى لثقلها فحذفت الواو للساكنين وبقيت اللام على الفتح أو قلبت الفاء لتحركها بعد فتح فحذفت الألف وان كان بعد الواو الأولى ساكن أو أدخل واو الجمع على المفرد بألفه حذف الألف { وَاللهُ مَعَكُمْ } بالحفظ والنصر والغائب من معه الله وزعم بعض ان الآية منسوخة بقوله

السابقالتالي
2