الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ }

{ أَفَرَأَيْتَ } أخبرني* { مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } أي صير إِلهة هواه وخضع له فيما أراد سمى اتباع عبادة كأنه يعبده كما يعبد الرجل الله. قال ابن عباس وقتادة لا يهوى شيئاً الا ركبه لانه لا يخاف الله ولا يؤمن به ولا يحرم ما حرم وقيل اتخذ معبوده ما تهواه نفسه وذلك ان العرب تعبد الحجارة والذهب والفضة والخشبة فاذا رأي ما هو أحسن رفضه وكسره وعبد استحسن واتفق مع هواه وقرئ بالجمع لانه اذا كان يعبد تارة هذا وتارة ذاك وتارة ذلك فكأنه جعل هواه يعبد كل واحد في وقت وسمى الهوى لانه يهوي بصاحبه في النار والآية تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم وهى وان نزلت في هوى الشرك لكنها تتناول جميع هوى النفس. قال صلى الله عليه وسلم " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والفاجر من أَتبع نفسه هواه وتمنى على الله ". وعن سهل بن عبدالله التستري هواك داؤك فان خالفته فداؤك وعن وهب اذا عرض لك أمران شككت في خيرهما فأنظر أبعدهما من هواك فآتيه. قال حكيم
اذا أنت لم تعص الهوى قادك الهوى الى كل ما فيه عليك مقال   
قال أبو عمران الواسطي انكسرت بنا السفينة فبقيت أنا وامرأتى على لوح وقد ولدت في تلك الحالة صبية فصاحت بي أيقتلني العطش فقلت هو ذا يرى حالنا فرفعت رأسي فاذا رجل في الهواء جالس في يده سلسلة من ذهب وفيها كوز من ياقوتة حمراء فقال هاكما اشربا فأخذت الكوز فشربنا منه أطيب من المسك وأبرد من الثلج وأحلى من العسل فقلت من أنت يرحمك الله فقال عبد لمولاك فقلت له بم وصلت الى هذا؟ فقال تركت هواي لمرضاته فأجلسني في الهواء ثم غاب عني ولم أره { وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ } منه في الأزل بأنه من أهل الضلال والشقاوة أو بوجود الهداية أو على علم من الكافر بتركه للحق فالآية على هذا من آيات العناد. والأول لابن عباس أو عالماً بضلال هذا الكافر وفساد جوهر روحه والاضلال الخذلان والاستعلاء مجازى أو على بمعنى مع* { وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ } ألقى عليه مانعاً وغطاه به وذلك استعارة للخذلان فلا يسمع سمعاً نافعاً* { وَقَلْبِهِ } فلا يتعظ ولا يعقل. { وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً } فلا ينظر بعين الاستبصار والاعتبار وكأنه لا يرى كما كأنه لا يسمع والغشاوة الظلمة فلا يبصر الهدى والغين مكسورة وقريء بفتحها وبضمها أو غشوة بالفتح والكسر مع سكون الشين والفتح والسكون لحمزة والكسائى وهنا يقدر مفعول رأيت الثاني أي يهتدي. { فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللهِ } أي من دون الله وقيل من بعد اضلال الله اياه والاستفهام انكارى أى لا هادي له* { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } بادغام تاء الماضي في الذال والباقية تاء المضارع وقرئ يتذكرون بالياء والتذكر الاتعاظ ولا حيلة للقدرية مع الآية صرح انه ختم على سمعه وقلبه وبصره لكن ما ذلك الا عدم التوفيق فاشتغلوا بكفرهم ولا جبر