الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ }

{ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَآءُ وَالأَرْضُ } لانهما انما تبكيان على المؤمن المتوفي السماء لصعود عمله اليها والارض لعمله فيها وبكاؤها أربعون صباحاً وقيل بكاء السماء حمرة أطرافها. قيل لمجاهد حين قال تبكيان على كل مؤمن مات ماله ما تبكيان فقال لانه يعمر الارض بالركوع والسجود وتسبيحه وتكبيره دوى في السماء كدوي النحل. وفي الحديث " ما من مؤمن الا وله بابان باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فاذا مات بكيا عليه فذلك قوله تعالى { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ } الى { مُنظَرِينَ } ". وفي الحديث " اذا مات المؤمن تنادت بقاع الارض عبد الله المؤمن مات فتبكي السماء والارض فيقول الله ما يبكيكما فتقول الارض لم يمش على ناحية منا الا وهو يذكرك وقيل يبكي عليه موضع عبادته من الارض وموضع صعود عمله في السماء فقط أربعين صباحاً ". وهو رواية ابن عباس وما من مؤمن يسجد سجدة الا بكى عليه موضع سجوده من الأرض وشهد له يوم القيامة وذلك بكاء يعلمه الله كيف هو وقيل تمثيل وتخيل ومبالغة في وجوب الجزع والبكاء على المؤمن كما تقول العرب في عظيم مات بكت عليه السماء والأرض وبكته الريح وأظلمت له الشمس وكسفت وفي الآية تهكم بفرعون وقبطه وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال بكت عليه السماء والارض والاشعار بعدم تغير الشيء بهلاكهم وعدم الاعتداد بوجودهم واختار بعض هذا القول وبعض كون البكاء حقيقياً يعلمه الله كما توصف السماء بالاهتزاز لموت عالم وانكسار قلعة منها. وفي الحديث " ما مات مؤمن في غربة غابت عنه بواكيه الا بكت عليه السماء والارض " وقال الحسن التقدير فما بكى عليهم أهل السماء والارض الملائكة والمؤمنون* { وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } مؤخرين عن وقت هلاكهم ولا الى الاخرة بل عجلوا العذاب في الدنيا وقيل لم يؤخروا للتوبة ولا غيرها كالشفقة عليهم ولا يوصف الله بالشفقة حقيقة اتفاقاً