الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا فِيۤ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَآءً لِّلسَّآئِلِينَ }

{ وَجَعَلَ } استئناف لا عطف على الصلة التي هي خلق الفصل بما خرج عن الصلة وهوتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَاداً } ويجوز عندي العطف والجملة معترضة نطقاً معطوفة على تكفرون محلها رفع* { فِيهَا } أي في الارض* { رَوَاسِيَ } جبالا ثوابت* { مِن فَوْقِهَا } لا تحتها ولا مركوزة فيها لتكون المنافع في الجبال معرضة لطالبها حاضرة لمحطها وليعتبر الناظر فيها وبارتفاعها ويرى أنها أثقال على أثقال كلها مفتقرة الى ماسك وقد مسكها الله بقدرته* { وَبَارَكَ فِيهَا } أي أنزل البركة فيها أكثر خيرها ماء وزرعاً وضرعاً ونباتاً وأنماه ومن خيراتها البحار والاشجار وأصناف الحيوان وما يصاد* { وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقْوَاتَهَا } أي أوجد فيها أرزاق أهلها ناساً وجناً ودواب وطيراً وحوتاً وخلق لكل نوع ما يعيش به وما يصلح له وقيل قسم فيها أقوات أهلها ومعايشهم ومصالحهم. وقرأ ابن مسعود فيها أقواتها، وقال الضحاك أراد بأقواتها أرزاق أهلها ومنافعهم يجعل في بلد ما ليس بالآخر من نحو ملبوس ومطعوم ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة وقيل قدر الخبز لأهل قطر والسمك لأهل قطر وهكذا وقيل المراد الزراعة وهي أكثر الحرف بركة وأضاف الاقوات للارض على حذف مضاف كما رأيت أو لحلولها فيها وخروجها عنها وكذا قال السدي وفسر الاقوات بالأرزاق وقال مجاهد المراد قوت الارض نفسها من المطر والمياه وقال قتادة أقوات الارض من الجبال والانهار والاشجار والصخور والمعادن والاشياء التى بها قوام الارض ومصالحها. وروى ابن عباس في هذا حديثاً وذلك تشبيه بالقوت الذي هو قوام الحيوان* { فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } باليومين الأولين خلق الأرض في يومين الأحد والاثنين وقدر الأقوات في يومين الثلاثاء والأربعاء وفيهما خلق كل ما في الارض من جبل وغيره ولم يقل في يومين ليدل على اتصال اليومين باليومين وعلى الفرد لكله أي فذلك كله في أربعة أيام ولو قال في يومين لجاز أن يكون أطلق كلا من اليومين الأولين والآخرين على أكثرهما لان اليومين قد يعلقان على أكثر كذا قيل وفيه أن أربعة كذلك. وعن الزجاج قد اتمت في أربعة أيام وأراد بالتتمة اليومين الأخيرين* { سَوَآءً } كاملة مستوية لا زيادة ولا نقص وهو بالنصب عند الجمهور حال من أربعة لاضافته قاله ابن هشام وقيل حال من ضمير فيها أو لضمير أقواتها ويدل لابن هشام قراءة الحسن ويعقوب بالحفظ على أنه نعت لاربعة لكن يجوز كونه نعتاً وانما نعت به وجعل حالاً مع أنه مفرد مذكر مطلقاً لان أصله مصدر والمصدر يطلق على الواحد المذكر وغيره وقيل هو بالنصب مفعول مطلق اسم مصدر أي استوت استواء والجملة نعت ويدل له قراءة الجر لكن يجوز كونها نعتاً لاربعة أو حال منها وقرأ جعفر بن القعقاع بالرفع أي هى سواء والجملة نعت أيام وأربعة أو حال أربعة* { لِّلسَّآئِلِينَ } عن مدة خلقها وخلق ما فيها اعتباراً أو تعنتاً وهو خبر لمحذوف أي هذا الحصر للسائلين وعلقه قتادة بسواء. وقال ابن زيد وجماعة متعلق بقدر على أن معناه الطالبون وهذا يتم على قول الزجاج ان معنى في أربعة في تتمة أربعة كذا قيل وحكي عن ابن زيد والجماعة تعليقه بسواء أي مستو مهيء أمر هذه المخلوقات ونفعها للمحتاجين الطالبين.