الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَٱسْتَغْفِـرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِبْكَارِ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }

{ فَاصْبِرْ } يا محمد* { إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ } وعده بنصر أو أيده بأن يهلك عدوهم ويظهر دينهم واقع لأجله لا محالة ولا يخلف الميعاد* والمراد وعده لك بالنصر وللمؤمنين حق واقع كما نصر موسى ومن معه على فرعون وقومه. قال الكلبي نسخت آية القتال آية الصبر قلت ينبغى ألا نسخ فى مثل هذا بل أمره بالصبر على ما يكره منهم مع انه يقاتلهم، وقد بلغ ملكه منتهى الخف والحافر* { وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ } قل اللهم اغفر ذنبي مع أنه لا ذنب لك، لأزيدك درجة وسنه للمذنب وذلك أن مجامع الطاعة التوبة عما لا ينبغي والاشتغال بما ينبغى والأول مقدم وهو التوبة من الذنوب وقيل ذنبه ما كان الأولى له خلافه كترك الأولى والأفضل وقيل ذنبه ما صدر منه قبل النبوة وقيل صغائر قلت فى وصف نبينا بكبيرة أشرك ولا يوصفون بصغيرة أيضاً ولا يشرك واصفهم بها وما فعلوه قبل النبوة ليس صغيرة ولا كبيرة، هذا مذهبنا معشر الاباضية وكأنه سمى اهتمامه بأمر الأعداء ذنباً مع انه طاعة لأن الأولى الاقبال على الطاعة التى هي سواه والله يكفيه أمرهم ويظهر دينه { وَسَبِّحْ } مقترناً* { بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِىِّ وَالإِبْكَارِ } المراد التعميم لما بين الوقتين أيضاً والتسبيح التلفظ بما يدل على تنزيه الله عما لا يليق و الحمد الثناء بالجميل وقيل التسبيح هنا الصلاة و الحمد الشكر فقال ابن عباس الصلوات الخمس، وقال الحسن أراد صلاة العصر وصلاة الفجر وقيل كان الواجب بمكة ركعتين عشية وركعتين بكرة. قال الطبري البكرة من طلوع الفجر الى طلوع الشمس وقيل من طلوع الشمس الى ارتفاع الضحى و { إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِى آيَاتِ اللهِ } القرآن* { بِغَيْرِ سُلْطَانٍ } برهان* { أَتَاهُمْ } نعت سلطان والمراد بالمجادلين كفار قريش ويدخل بعموم اللفظ كل مجادل مبطل* { إِن } نافية { فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ } تكبر عن الحق وتعظم عن التفكر والتعلم أو ارادة الرئاسة والنبوة والملك وقيل نزلت في اليهود بقول يخرج صاحبنا المسيح بن داود يعنون الدجال ويبلغ سلطانه البحر والبر وتسير معه الانهار وهو آية من آيات الله فيرجع الينا الملك فسمي تمنيهم كبراً لانهم يريدون به ابطال آياته تعاظماً ويدل انهم أرادوا النبوة بغياً وحسدا قولهلو كان خيراً ما سبقونا اليه } { مَّا هُم بِبَالِغِيهِ } نعت لكبر أي لا يبلغون مقتضى كبرهم من الرئاسة ونحوها كالنبوة بل تحتها كل رياسة وجملة ان النافية وما بعدها خبر لان* { فَاسْتَعِذْ بِاللهِ } التجئ اليه من كيد من يحسدك ومن جميع ما يضرك وقيل من فتنة الدجال وقيل من شر هؤلاء* { إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ } أي العليم بما يقولون وما تقولون* { الْبَصِيرُ } بما يعملون وما تعمل فهو عاصمك منهم