الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِلاَّ ٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلرِّجَالِ وَٱلنِّسَآءِ وَٱلْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً }

{ إِلا المُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَآءِ وَالوِلْدَانِ } هؤلاء المستضعفون ليسوا من الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم المشار اليهم بقولهأولئك مأواهم جهنم } فالاستثناء منقطع مثاله قولك جاء الزيدون الا العمرين، والولدان العبيد البلغ هنا، لأنهم مكلفون كالحر حتى انه لو ارتد العبد لقتل أو بيع. فى الاعراب قولان فى السؤالات، وان أريد بالولدان الأطفال الأحرار، والأطفال العبيد فكيف يذكرون فى مقام الهجرة ووجوبها، حتى انه رخص لهم ترخيصا لضعفهم وهم غير مكلفين؟ الجواب أن الأطفال تبع لمن هم فى يده من أب أو أم أو غيرهما، كالخلائف فيجب على من هم فى يده أن يؤجر بهم متى أمكنته الهجرة، كما يزكى ما لهم وكما يتعين على البلغ أن ينهوا الأطفال أن يدخلوا فى الأوقات الثلاث بلا اذن، أو أنه ذكر الأطفال مبالغة فى الهجرة، حتى انها كادت تجب على غير البالغ، واشعار بأنهم بصدد الهجرة، فانه ان أدرك بلوغهم وجوبها وجبت عليهم، وكذلك المراهق فقد قيل يجب عليه الحكم الذى يميزه لكن لا يقطع عليه عذره. { لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً } نوعا من التحول اما الى المدينة من مكة اذا لم تكن لهم نفقة أو قوة على ذلك الجملة حال من المستضعفين، أو من الضمير المستتر فيه، أو نعت للمستضعفين، لأن المراد الجنس لا مستضعفون محدودون. { وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً } أى لا يعرفون سبيلا الى المدينة، فعدى يهتدى بنفسه لتضمنه معنى يعرف، أو منصوب على نزع الخافض، أى لا يهتدون الى سبيل يوصلهم المدينة، أو لا يهتدون السبيل اليها أى لا يعرفون الطريق بأنفسهم، ولم يجدوا دليل أو عرفوا أو وجدوا، ومنعهم العدو فى الطريق. قال مجاهد السبيل طريق المدينة، وقيل عام لجميع السبل مثل أن يتبع الى الحبشة الرجل من هاجر اليها ممن لا يعذر، وأن يهاجر الى حيث يمكن بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووجد كلام مجاهد أن الهجرة المطردة المفتوح بابها، يومئذ انما هى الى المدينة بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم اليها تقوية له، ثم انه لا يخفى أن الولدان الأطفال كلهم، لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا بأنفسهم، لكن يستطيعون بمن يقوم بهم، ولذلك صح أن يكون لفظ الولدان معطوفا على الرجال والنساء، ولو كانت من للتبعيض، فكما أن بعض الرجال والنساء مستضعفون، وبعضهم غير مستضعفين، كذلك بعض الولدان مستضعف، وبعض غير مستضعف بأن كان له واسطة يقوى بها.