الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَٰعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ وَٱلْمُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً } * { دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً }

{ لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ وَالمُجَاهِدُونَ فِى سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } آى يستوى فى الثواب القاعدون عن الجهاد، والمجاهدون فى سبيل الله، ومن المؤمنين حال من " القاعدون " أو من الضمير المستتر فيه، ومن للتبعيض، واستثنى أولى الضرر كالعمى والعرج، فغير حال من القاعدون أو من المستتر أو مفعول، أى أعنى وبسطت، نصب غير فى النحو، وقرأ غير نافع والكسائى وابن عامر برفع غير، على أنه بدل أو نعت القاعدون، لأن تعريف الموصول فى القاعدين للجنس الذى به الإفراد للاستغراق فجاز نعته بغير، ولو كانت اضافتها لا تفيد التعريف، والمعرف تعريف جنس يجوز نعته بالنكرة. وقيل أن غير اذا وقعت بين ضدين تعرفت بالاضافة للمعرفة، كما هنا، فتكون هنا نعتا للقاعدون، لأن المعرف تعريف جنس يجوز نعته بالمعرفة وهو الأصل، ومنع بعض نعته بالنكرة، وقرىء بالجر على أنه نعت للمؤمنين أو بدل منه. قال زيد بن ثابت " كنت الى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة، فوقعت فخذه على فخذى حتى خشيت أن يرضها، أى يكسرها، ثم سرى عنه، أى كشف عنه ما كان به من شدة الوحى، فقال اكتب، فكتبت فى كشف { لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ مِنَ المُؤمِنِين وَالمُجَاهِدُونَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ } وليس فيها { غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ } فقال ابن أم مكتوم ـ وكان أعمى ـ يا رسول الله، وكيف بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين ". ويروى " والله لو استطعت لجاهدت، فغشيته السكينة فوقعت فخذه على فخذى حتى خشيت أن يرضها أى يكسرها ثم قال " اقرأ يا زيد " فقرأت { لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ مِنَ المُؤمِنِين } فقال { غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ } قال زيد أنزلها الله وحدها فألحقتها، والذى نفسى بيده لكأنى أنظر الى ملحقها عند صدع فى الكتف، أى الى موضع الحاقها من الكتف " ، وذلك لطف ولين بهذه الأمة، ورفع لم يرفع غيرها به يحتاجون بشىء، أو يغنم به أحد، فينزل فيه قرآن. ورواية ابن عازب تفصح أن زيد بن ثابت لم يحضر حين نزلت الآية، بل نزلت وهو غائب فدعى ليكتبها، فعن البراء بن عازب لما نزلت { لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ مِنَ المُؤمِنِين } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيدا فجاء بكتف فكتبها، وشكا ابن أم مكتوم ضرارته فنزلت الآية { لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ مِنَ المُؤمِنِين غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ } يعنى أعاد جبريل النزول بلفظ { لا يَسْتَوِى القَاعِدُونَ } فزاد بعده { غَيْرُ أُوْلِى الضَّرَرِ } ، وانما أعاده بأمر الله، وفوض لذلك ونحوه، وما فوض اليه داخل فيما أمر به، وانما أعاده ليبين موضع الزيادة لا لتكرر تلاوته، ثم أن المراد أن غير أولى الضرر نزل فى محله بعدما نزل ما بعده وما قبله كما مر.

السابقالتالي
2 3 4 5