الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَىۤ إِلَيْكُمُ ٱلسَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ ٱلْحَيَٰوةِ ٱلدُّنْيَا فَعِنْدَ ٱللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذٰلِكَ كُنْتُمْ مِّن قَبْلُ فَمَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ } سافرتم للجهاد. { فِى سَبِيلِ اللهِ فَتَبَيَّنُوا } لا تعجلوا فى القتل والغنم اذا رأيتم أمرا مشتبها حتى يتبين الكافر من المؤمن، وقرأ حمزة والكسائى فتثبتوا فى المؤمنين والحجرات، والمعنى واحد والتفعل فى القراءتين للطلب. { وَلا تَقُولُوا لِمَن أَلقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ } وقرىء السلم باسكان اللام بعد فتح السين، وبعد كسرها، وقرىء السلام بألف بعد اللام، والمراد بذلك كله الانقياد للايمان، بأن نطق بكلمة الشهادة، وقال محمد رسول الله، يجوز أن يكون السلام بمعنى السلام عليكم اذ كانت هذه تحية المؤمنين دون المشركين، فاذا قيلت فلا تعجلوا على قائلها بالقتل. { لَسْتَ مُؤمِنًا } انما ألقيت ذلك الينا نفاقا لتنجى نفسك ومالك، وقرأ عاصم بفتح الميم الثانية، أى لا نؤمنك ولست فى الأمان منا، بل احملوه على ظاهر كلامه، فاذا رأوا فى بلد أو فى حى من أحياء العرب شعار الاسلام وجب أن يكفوا عنهم، ولا يغيروا عليهم، كما روى عن عصام المزنى، " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا بعث جيشا أو سرية يقول لهم " اذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا " وان قال يهودى أو نصرانى أنا مؤمن لم يحكم بايمانه بل يقال له ما ايمانك؟ فان جاء به تاما خلى، وان قال محمد رسول الله لم يحكم بايمانه لعله أراد رسول الله الى العرب خاصة، فان قال الى الناس كلهم، وان دين اليهودية والنصرانية باطل فهو مؤمن. { تَبتَغُونَ عَرَضَ الحَيَاةِ الدُّنْيَا } تطلبون حطام الدنيا السريع الزوال، والجملة حال من واو تقولوا، والعجلة بالقتل والغنم حيث الشبهة حرام، أريد حطام الدنيا أو لم يرد، لكن الغالب فى حال المستعجل بالقتل والغنم ارادة حال الدنيا، والقيد الجارى مجرى الغالب لا مفهوم له ان أردتم عرض الحياة الدنيا. { فَعِنْدَ اللهِ مَغَانِمُ كَثِيرةٌ } وعدها لكم تغنيكم عن قتل المؤمن، وأخذ ماله، فاطلبوها بالوجه الحلال، ولا تحرموها بالتعدى، أو عند الله ثواب عظيم، فليكن هو المقصود بجهادكم لكثرته ونفاسته ودوامه، وعلى هذا سمى ثواب الله غنيمة لمشاكلة لفظ الغنيمة المفهوم مما قبل. { كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ } أى كما كان من ألقى اليكم السلام مستخفيا فى قومه بايمانه، مقهورا فيهم، غير مشتهر بايمانه حتى يقتل لعدم العلم بتحقق ايمانه، أو بايمانه، كذلك كنتم بعد اسلامكم، وقبل عزة الاسلام. قال سعيد بن جبير قيل أو كما طلب هذا الأمان بكلمة الاخلاص، كذلك كنتم تأمنون بها فى قومكم، فلا تقتلون فكيف تقتلون من أمن اليكم بها أو كما يزعم الزاعم أن مظهر التوحيد، وانما حد اتقاء كذلك كان ظاهركم التوحيد، فتركتم له، أو كما كان مشركا فى زعم الزاعم، كذلك كنتم مشركين تحقيقا فأسلمتم، فهلا تبينون اذا رأيتم شعار الايمان، فلعله قد أسلم لحينه، قال ابن زيد بهذا الأخير.

السابقالتالي
2 3 4