الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً }

{ وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ } اذا دعى لكم بدعاء حسن تسمعونه، أو بلغكم على لسان أحد أو فى كتاب مثل السلام عليكم بدعاء، ومثل رحمكم الله، ومثل صبحكم الله بخير ونحو ذلك من الأدعية الحسنة الجائزة شرعا، فأنه يجب الرد فى كل ذلك بأحسن منه أو بمثله، ولكن رغبت السنة فى التحية بالسلام عليكم، فكان هو السنة المرغب فيها، لا يجزى فى أدائها غيره. وكان هو الواجب فى دخول البيوت، فالبدء بالسلام فى غير دخول البيوت سنة غير واجبة، وقال بعض المالكية واجبة، وأما فى دخول البيوت قبل الدخول ففرض، والرد فى ذلك كله واجب الا لعارض، وأصل المعنى لفظ التحية من قولك حياك الله، الإخبار بالحياة، ثم استعمل اللفظ فى الدعاء بالحياة، ثم قيل لكل دعاء، ثم غلب السلام، ويستعمل بمعنى الملك، ومنه قيل التحيات المباركات لله، أى الأملاك لأن من شأن مالك الأملاك العظام أن يحيى، فاستعمل فى معنى الملك، وتنكير التحية للتعميم أى بتحية. { فَحَيُّوا } من حياكم بها ولو طفلا. { بِأَحْسَنَ مِنْهَا } بزيادة الجهر بها، وافصاح اللفظ وبلاغته، وبزيادة على ما قال. { أَوْ رُدُّوهَا } أى أو ردوا مثلها اليه بلا زيادة، وأما النقص فلا يجوز، وأجاز بعض اسقاط أل من السلام فى الجواب، ولو قرن بها فى البدء لا على النقص من المعنى، بل على قصد التعظيم بالتنكير، فهذا القصد تكون أحسن أن لم يقصد هذا من بدأ به، فاذا قال السلام عليك، قال المجيب وعليك السلام ورحمة الله، وان قال السلام عليك ورحمة الله، قال المجيب وعليك السلام ورحمة الله وبركاته الا أنه ان كان غير متول لم يقل ورحمة الله وبركاته، ولو قاله البادىء بل يقتصر على السلام أو يزيد له ما يجوز. وقيل يجوز أن يزيدهما ويزيد بهما خير الدنيا، وان شاء المجيب اقتصر على ما قال البادىء متول أو غيره، والظاهر أن من الزيادة أن يقول المجيب وعليكم بلفظ الجماعة، عانيا للبادىء والملائكة الذين معه ان قال البادىء بالإفراد، وان قال بالجمع عانيا لهم أيضا كان أحسن من الإفراد، وان جمع وأفرد المجيب فقد نقص، ولا يجوز. وينبغى أن يقول السلام عليكم يعنى الرجل والملكين، فانهما يردان السلام، ومن سلم عليه الملك فقد سلم من عذاب الله، واذا سلم على اثنين أو جماعة قال السلام عليكم يريدهم، ويريد ملائكتهم. وروى " أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم السلام عليك، فقال صلى الله عليه وسلم وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وقال آخر السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال وعليك، فقال الرجل انك نقصتنى فأين قول الله تعالى { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } فقال انك لم تترك لى فضلا فرددت عليك مثله ".

السابقالتالي
2 3