الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوۤاْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَٰوةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ ٱلْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ ٱلنَّاسَ كَخَشْيَةِ ٱللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا ٱلْقِتَالَ لَوْلاۤ أَخَّرْتَنَا إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ ٱلدُّنْيَا قَلِيلٌ وَٱلآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ ٱتَّقَىٰ وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ } أى تعجب يا محمد بالذين. { قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ } عن قتال المشركين. { وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَأَتُوا الزَّكاةَ } واشتغلوا بعبادة الله، وهؤلاء هم المؤمنون آذاهم المشركون بمكة قبل الهجرة، فكانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم أيذن لنا فى قتال المشركين، فقد آذونا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم " كفوا أيديكم عن القتال فانى لم أومر به " فالقائل كفوا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو الله لأنه تعالى هو ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال. والذين قيل لهم هم عبد الرحمن بن عوف، وهو من بنى زهرة، والمقداد بن الأسود من كندة، وقدامة بن مظعون الجمحى، وسعد بن أبى وقاص، وجماعة تسارعوا الى القتال وقالوا يا رسول الله ذرنا نتخذ معاول فنقاتل بها المشركين. وعن الحسن قال عبد الرحمن بن عوف ألا نأتى فى المشركين بمعاولنا فنقتلهم فى رحالهم، هذا قول الجمهور وهو المشهور عن ابن عباس، والآية دليل أن الزكاة فرضت فى مكة كالصلاة. وقال مجاهد، عن ابن عباس ان الآية فى قوم من اليهود، طلبوا موسى عليه السلام أن يقاتل بهم عدوهم، فنهاهم، ولما أمرهم بعد تولوا عن القتال وخشوه، ذكرهم الله وعاب ذلك منهم، زجرا للمؤمنين من هذه الأمة أن يكونوا مثلهم فى ذلك، أن يرغبوا فى القتال قبل الإذن فيه، ويعرضوا عنه بعد الإذن، وقيل نزلت فى المنافقين. { فَلَمَا كُتِبَ } فرض فى المدينة على المفعول الأول، أو كان وأما على الآخر فالأمر بالكف فى المدينة، والأمر بالقتال فيها أيضا، وأما على أن الكلام فى اليهود ففى بلادهم مع موسى عليه السلام. { عَلَيْهِمُ القِتَالُ إِذَا } حرف مفاجأة قرن بها جواب لما، والمانع من قرنه بالفاء، وإذا الفجائية يقدر لها جوابا، أى كانت فيهم الزلزلة والاضطراب إذا { فَرِيقٌ مِّنْهُمْ } قوم منهم، ومنهم نعت فريق، وخبره جملة قوله تعالى { يَخْشَونَ النَّاسَ } أن يقاتلوا الكفار، كفار مكة ومن يشايعهم من الكفرة، رغبة عن الموت، أو يخشون قتل الكفار لهم. { كَخِشْيَةِ اللهِ } خشية ثابتة كخشية الله، أو خشية مثل خشية، أو يتعلق بيخشون، أى خشية بأس الله الذى ينزل على من يشاء. { أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً } من خشية الله، وأشد حال مقدم على صاحبه، وهو خشية، وخشية معطوف بأو على المصدر المحذوف المنعوت بقوله كخشية الله، أو على الكاف فى جه جعلها اسما، ويجوز أن يكون كخشية الله متعلقا بمحذوف حال من الواو أو الكاف، أو الكاف اسم حال من الواو على تقدير مضاف، أى ثابتين كأهل خشية الله، أو مثل أهل خشية الله، فيكون أشد معطوفا على الحال المذكور بوجهيها، وخشية تمييزا، أى وأشد من أهل خشية الله.

السابقالتالي
2 3