الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَّعَهُمْ شَهِيداً }

{ وَإِنَّ مِنكُم لَمَن } اللام للتأكيد خبر أن المتقدم داخلة على اسمها المتأخر، والخطاب لعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأولى من هذا أن يقال الخطاب للذين آمنوا، والمؤمنون ولو كانوا لا يكون منهم المبطىء، لكنه معهم من المنافقين، وجعل منهم لأنه فيهم، ونسبه منهم، وينطق بكلمة الشاهدة. { لِيُبَطِئَنَّ } جواب قسم محذوف، فلامه لتأكيد القسم، وجملة القسم صلة من أى لمن أقسم بالله ليبطئن، أو مفعول لقول محذوف، والقول صلة من أى، لمن يقال فى شأنه والله ليبطئن، والعائد ضمير يبطىء، ويبطىء متشدد للتعدية، ومفعوله محذوف، أى يبطىء غيره، أو تشديده للتأكيد فهو لازم كبطأ الثلاثى وأبطأ أى ان منكم لمن تحمل غيره على التأخير عن القتال، كابن أبى يوم أحد، أو لمن يتأخر عنه. والبطء أما بمعنى الانقطاع عن القتال البتة، سمى الانقطاع عنه البتة بطاء لشبه البطء عن الشىء بالانقطاع عنه البتة لجامع عدم الحضور عنده فى وقت مخصوص، كما مر التمثيل بابن أبى، واما بمعنى التثاقل عن الشىء مع الكون بصدده وهو الحقيقة، واما بالمعنيين على طريقة عموم المجاوز، وهى هنا مطلق عدم الحضور بحيث يشمل عدم الحضور عدما لا وجود بعده، أو عدما بعده وجود، وقرىء ليبطئن بضم المثناة واسكان المحدة منه أبطأ اللازم. { فَإِن أَصَابَتكُم مُّصِيبَةٌ } من قتل وجرح أو هزيمة. { قَالَ } ذلك الذى يبطىء. { قَد أَنعَمَ اللهُ عَلَىَّ إِذ لَم أَكُن مَّعَهُم شَهِيدًا } حاضرا للقتال لو حضرت لأصابنى ما أصابهم، يرى ازاحة الله تعالى اياه عن حضور القتال مع المسلمين انعاما، وليس كذلك بل هو نعمة بالقاف، عصوا الله بقلوبهم وجوارحهم، فنقمهم بذلك، ويرون ما أصاب به المؤمنين نقمة بالقاف، وهو نعمة لأن لهم ثوابا عظيما على الموت فى الجهاد والجرح فيه وعلى الهزيمة اذا غدروا فيها لكن انما يثاب على ما يصاب به فيه، وعلى غمه فيها، مثل أن يكونوا دون اثنين لأربعة من الكفار، ومثل أن ينهزم رجال كما لا يعذرون، فتقع الهلكة على الباقين بحيث لو لم يذهبوا لكانوا كمن ألقى بيده الى التهلكة.