الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱبْتَلُواْ ٱلْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَٱدْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَآ إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً }

{ وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى } اختبروا البلغ الذين كانوا يتامى منفردين عن الآباء، هل يعرفون حفظ المال؟ ويكسبونه؟ ويعرفون الربح ولا يضيعون المال فى معصية؟ ولا فى غيرها؟ فإن تحققتم ذلك منهم بأن مضت مدة بعد البلوغ وبلغوا حد التزوج، وجب الوطء، والغالب أن يوجد ذلك منهم ويحقق إذا بلغوا ذلك الحد فأعطوهم أموالهم كما قال الله عز وجل { حَتَّى إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ } بلغوا الحد الذى يحبون فيه التزوج، ويشتد عليهم حب الوطء، مثل خمس عشرة سنة، أو أربع عشرة. { فَإِنْ آنَسْتُمْ مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ } وقيل يبتلى اليتمى قبل البلوغ بمراقبتهم، هل يعرفون الربح والتصرف بالتجر وحفظ المال وذلك بالكلام، والسؤال ومشاهدة أفعالهم وأقوالهم فى سائر أمرهم بأنه يعرف منها أحوالهم فى المال، وبأن يقال لهم هل تشترى بكذا؟ أو هل تبيع بكذا؟ بلا حضور بيع أو شراء أو عند حضور بيع ماله على يد الولى، أو مال غيره أو شراء له، أو لغيره، أو بان يعطيه شيئاً يبيعه أو يشترى به، فإذا فعل ظهر للولى رشده أو سفهه، ولا يتم فعله إلا إن أتمه الولى بعد العقد. وقيل إذا أذن له تم فعله، والأول للشافعى والثانى لأبى حنيفة، والذى عندنا أن فعل البالغ ماض، إذا لم يحجر عليه، وهذا غير محجور عليه فيما أعطى وأمن ببيعه أو الشراء به، بل فى المراهق قولان احتج الشافعى بأن الله عز وجل منعنا من إعطائهم مالهم حتى يؤنس رشدهم، والاختيار قبل ذلك ليس ببيعه وشرائه، بل بمراعاة حاله، واحتج أبو حنيفة بالأمر بالاختبار، وهو يتحقق بتمكينه من بعض المال، ولا يدفع إليه ماله قبل البلوغ إجماعاً إلا ما هو قليل على وجه الرسالة به أو نحوه، أو لا يمنع بعد إيناس رشده وقوته عليه إجماعاً وإن بلغ الحد الذى يؤنس فيه الرشد، ولم يؤنس لم يدفع إليه، لو بلغ عشرين سنة أو ثلاثين أو أكثر، وقال أبو حنيفة إذا بلغ خمساً وعشرين سنة ولم يؤنس رشده دفع إليه يقول إنه إما أن تظهر علامة بلوغ أو لا، فإن لم تظهر بلغ بثمانى عشرة سنة ولزمه التكاليف، والأنثى بسبع عشرة سنة، وزيد عليه لدفع المال سبع سنين، إن لم يؤنس رشده لأن السبع مدة معتبرة فى تغير أحوال الإنسان، لقوله صلى الله عليه وسلم " مروهم بالصلاة لسبع " والصحيح أن البلوغ بخمس عشرة سنة، إذا دخل فيها ولم تظهر قبلها علامة بلوغ لقوله، صلى الله عليه وسلم " إذا استكمل المولود خمس عشرة سنة كتب ماله وما عليه، وأقيمت عليه الحدود " وقيل خمس عشرة للذكر، وأربع عشرة للأنثى، وقيل أربع عشرة لهما، كل ذلك بالدخول فى العدد لا بالفراغ منه.

السابقالتالي
2 3 4