الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ذٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمرِ مِنكُم } أصحاب الأمر منكم، أى من ولى أموركم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أو بعده، كأئمة العدل بعده صلى الله عليه وسلم، وأمراء الأجناد على عهده صلى الله عليه وسلم وبعده، والقضاء والحكام والعاملين، وكل من صحت له شرعا ولاية على المؤمنين فى مصلحة الدين أو الدنيا ما لم يدع لمعصية، ثم رأيت هذا العموم للزجاج والحمد لله. قال السدى نزلت فى خالد بن الوليد، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سرية وفيها عمار بن ياسر، فلما قربوا من القوم هربوا منهم، وجاء رجل إلى عمار قد أسلم فأمنه عمار، فرجع الرجل فجاء خالد فأخذ مال الرجل، فقال عمار انى قد أمنته وقد أسلم، فقال خالد، تجير على وأنا الأمير، فتنازعا وقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجاز أمان عمار، ونهاه ان يجير الثانية على أمير، فأنزل الله تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِى الأَمرِ مِنكُم }. وانما صح ذلك لخالد، لأنه ما أمن الرجل إلا بعد أن تغلب المسلمون على ماله، وكان ملكا لهم، وقد أمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل خالد فى المال، بأن جعله من الغنيمة، وأجاز أمان عمار فى نفس الرجل، قال " يجير على المسلمين أدناهم " أى يصح اجارة أدناهم. وعن ابن عباس رضى الله عنهما نزلت فى عبد الله بن حذافة ابن قيس بن عدى السهمى، إذ بعثه النبى صلى الله عليه وسلم فى سرية. وقال ميمون بن مهران والكلبى ان أولوا الأمر أصحاب السرايا، واختاره البخارى، وروى فى ذلك حديث ابن مهران. وقيل هم العلماء، وبه قال أكثر التابعين، واختاره مالك والطبرى، وهو قول الحسن وعطاء، ومجاهد والضحاك، وجابر بن زيد، وابن عباس، قال ابن العربى والصحيح عندى أنهم الأمراء والعلماء، أما الأمراء فلأن الأمر منهم، والحكم إليهم، وأما العلماء فلأن سؤالهم متعين على الخلق، وجوابهم لازم، وامتثال فتواهم واجب، ويدخل فيه تأمر الزوج على الزوجة، لأنه حاكم عليها انتهى. وما مر عن الطبرى نسبه اليه ابن العربى، ونسب اليه الخازن أنه قال أولى الأقوال بالصواب قول من قال هم الأمراء والولاة، لصحة الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بطاعة الولاة، والأئمة فيما كان طاعة لله عز وجل، أو مصلحة للمسلمين، وكذلك قال أبو هريرة الأمراء، وهو رواية عن ابن عباس، قال على بن أبى طالب حق على الامام أن يحكم بما أنزل الله، ويؤدى الأمانة، فاذا فعل ذلك فحق على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا، وعنه صلى الله عليه وسلم

السابقالتالي
2 3 4