الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } جملة { يُؤْمِنُونَ } حال من { الَّذِين } لا من واو { أُوتُوا } كما قيل، لأنهم حين أوتوا ليسوا مؤمنين بالجبت والطاغوت فيما يتبادر، إلا أن يقال حال مقدرة، أى أوتوا مقدراً لهم الإيمان بالجبت والطاغوت أو مستأنفة جواب سؤال، كأنه قيل إلا تعجب من الذين أوتوا نصيباً من الكتاب؟ فقيل وما حالهم؟ قال يؤمنون بالجبت والطاغوت، نزلت الآية فى قوم من اليهود بالغوا فى العناد حتى قالوا إن عبادة الأصنام أرضى عند الله مما يدعو إليه محمد، وقد علموا أن دين محمد صلى الله عليه وسلم الحق، وروى أن حيى بن أخطب وكعب بن الأشرف وجمعاً من اليهود جملتهم سبعون راكباً خرجوا بعد وقعة أحد إلى مكة يحالفون قريشاً على محاربة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جرى قبل وقعة أحد بين اليهود ورسول الله صلى الله عليه، وسلم عهد على أنهم لم يكونوا فى نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكونوا عليه فنقضوا العهد للذهاب إلى مكة فى محالفة قريش، فنزل كعب على أبى سفيان فأحسن مثواه، ونزل باقى اليهود على قريش فى دورهم، فقال لهم أهل مكة أنتم أهل كتاب ومحمد صاحب كتاب وبلدكم أقرب إلى بلده فلانا من أن يكون هذا مكراً منكم فإن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لهذين الصنمين، وهما صنمان أحدهما يسمى الجبت، والآخر الطاغوت، وهما المذكوران فى الآية، فسجدوا لهما، وفى رواية، إن أردتم أن نخرج معكم فاسجدوا لآلهتنا وآمنوا بها حتى تطمئن قلوبنا إليكم، ففعلوا، فذلك قوله تعالى { يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ } ثم قال كعب ابن الأشرف لأهل مكة ليجىء منكم ثلاثون ومنا ثلاثون فنلزق أكبادنا بالكعبة، فنعاهد رب هذا البيت، لنجتهد على قتال محمد ففعلوا، ثم قال أبو سفيان لكعب إنك سيدنا وسيد قومك، وإنك لامرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ونحن أميون لا نعلم فأينا أهدى طريقاً نحن أو محمد؟ فقال كعب اعرضوا على دينكم ودينه، فقال أبو سفيان نحن نذبح للحجيج الكوماء أى الناقة السمينة الجسيمة - والمراد الجنس - ونسقيهم، الماء ونقرى الضيف، ونفك العانى - أى الأسير - ونعمر بيت ربنا ونطوف به، ونحن أهل الحرم، ومحمد فارق الحرم ودين آبائه، وقطع الرحم، وديننا قديم ودين محمد حديث، ومحمد يأمر بعبادة الله وحده، وينهى عن الشرك، ونحن نعبد آلهتنا التى وجدنا عليها آباءنا. فقال كعب أنتم والله أهدى سبيلا، فنزلت الآية. وقال مجاهد { الجبت } الكاهن، و { الطاغوت } الشيطان فى صورة إنسان. وقال بعضهم كنا نحدث إن الجبت الشيطان والطاغوت الكاهن، وعن الحسن { الجبت } الساحر، و { الطاغوت } الكاهن.

السابقالتالي
2