الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً }

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ } ينسبون أنفسهم إلى الزكاة، وهى الطهارة من الذنوب، وما يستقبح من فعل، أو قول، هنا وكأنه قيل يمدحون أنفسهم. قيل نزلت فى قوم من اليهود جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأطفالهم فقالوا هل على هؤلاء من ذنب؟ قال لا قالوا والله ما نحن إلا كهيئتهم ما عملنا من الذنوب بالنهار كفر عنا بالليل، وما عملنا من الذنوب بالليل كفر عنا بالنهار، وهذا قول الكلبى، وقال مجاهد نزلت فى قوم من اليهود يقدمون صبيانهم يؤمونهم فى الصلاة يقولون لا ذنوب لهم، فعابهم الله، إما بأن هؤلاء بالغون لكنهم قريبو العهد بالطفولية وإما لأنهم رأوا أنهم إذا صلى بهم صبيانهم غير البلغ غفرت ذنوبهم وقبلت صلاتهم، ففى الوجه الأول من هذا القول يراد بتزكية أنفسهم تزكية أطفالهم وفى الثانى يزكون أنفسهم بصلاة صبيانهم بهم. وقيل نزلت فى اليهود إذ قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه، وقال الحسن نزلت فى اليهود والنصارى، إذ قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى. وعن قتادة نزلت فى اليهود إذ قالوا نحن بو أبناء الله وأحباؤه وفى اليهود والنصارى إذ قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى وعن قتادة نزلت فى اليهود إذ قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه وفى اليهود والنصارى إذ قالوالن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } وذلك أن من نسب الجنة لنفسه فقد نسب نفسه إلى غفران الذنب والطهارة منه وكذا من قال نحن أبناء الله وأحباؤه، وقد أراد أن ذنبه مغفور لا يعذب به كما يعذب الإنسان ولده ودخل فى معنى الآية كل من زكى نفسه بالعمل الصالح من الموحدين. { بَلِ اللَّهُ يُزَكِّى مَنْ يَشَآءُ } ينسبه إلى الطهارة من الذنوب، وصلاح الأمر نسبة صادقة، أو يطهره من الذنوب تطهيراً يستحق به أن يقال إنه زكى بالإيمان والإسلام، لا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى، فإن العالم بحقيقة الأمر وما خفى من أمر الإنسان هو الله وحده جل جلاله، وقد ذم الله اليهود والنصارى وسائر ملل الشرك، ومدح المرتضين من عباده المؤمنين. { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } مفعول مطلق فى ظلما ما أو مفعول به، أى لا ينقص الله شيئاً من عقابهم، فهذا وعيد بأكيد ولا يزيد على ما يستحقون ولو قليلا، والواو للذين يزكون أنفسهم، وقيل إلى من يشاء، أى لا ينقص من أجورهم شيئاً، والمراد بالفتيل على كل حال القليل، وهو فى الأصل الخيط الذى فى شق النواة يضرب به المثل فى القلة والحقارة، أو ما يتحصل من وسخ من أصابعك إذا عركتها يضرب به المثل كذلك فى الحقارة والقلة، والمراد الجسم الواحد الممتد من ذلك الوسخ والجمهور على أن المراد فى الآية التمثيل بخيط شق النواة، ومجاهد على أن المراد التمثيل بذلك الوسخ، وبقول الجمهور يقول ابن عباس { انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الكَذِبَ }.