الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }

{ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } لا يزيد فيما يستحق من العقاب ولا ينقص مما يستحق من الثواب ولو ما يكون وزنه فى الثقل وزن نملة صغيرة، يزن حبة شعير مائة منها، أو وزن حبة خردل، أو جزء هباء. وعن ابن عباس الذرة رأس نملة حمراء، فالمثقال مفعال من الثقل، ضد الخفة والذرة، ولو كان لا ثقل لها لكن ليس فى الحقيقة عند الله الذرة كعدمها، وإنما ثقلها لا يتحقق لنا، أو لما غلب المثقال فى المقدار تنويسى معنى الثقل، وعلى كل حال اختير لفظاً لمثقال المأخوذ من الثقل، إشارة إلى الحسنة أو السيئة، ولو ثقلت جزاؤها ثقيل، والظلم متعد لواحد محذوف، ومثقال مفعول مطلق، أى لا يظلم أحداً ظلم مثقال ذرة، أو ظلماً مثقال ذرة، أى ظلماً موازن ذرة - بضم الميم - أو متعد هنا لاثنين لتضمنه النقص أى لا ينقص عاصياً، ولا مطيعاً مثقال ذرة، ففيه زيادة تهديد للعاصى أو لتضمنه معنى الزيادة، أى لا يزيد عاصياً ولا مطيعاً مثقال ذرة، بمعنى لا يزيد حسنة أو سيئة أو ينقصها والمزيد إنما هو ثواب يضاعف كما قال { وَإِنْ تَكُ } تحصل. { حَسَنَةً } لم تبطل. { يُضَاعِفْهَا } بثواب عشرة فصاعداً إلى سبعمائة فصاعداً كما قال { وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ } من عنده. { أَجْراً عَظِيماً } هو ما فوق سبعمائة، كل ذلك جزاء على الحسنة الواحدة لقوله { أجراً } وقد يقال { يضاعفها } شامل لما فوق سبعمائة، والأجر العظيم محض، فضل جزيل لا ثوب للحسنة، لكن سماه أجراً للمشاكلة لعظم ذكره معناه، لأن يضاعف بالمعنى يؤجر، ولأنه زيادة على الأجر ومسبب عنه، وتابع. و { تك } لا خبرية و { حسنة } فاعله. عند ابن كثير ونافع وقرأ الباقون بنصب حسنة على أن له خبراً وهو حسنة واسمه ضمير مثقال، وأنث لتأنيث الخبر وهو حسنة أو لإضافته لمؤنث، وهو ذرة، لأنه تعروف أن يقتصر على على ذرة فى مثل ذلك فيقال لم يعطه ذرة ولم يعطه حبة تراب ولا حبة فى التراب لكن تشبيه، وحذفت نون تكن تخفيفاً لكثرة الاستعمال، وتشبيهاً بالواو فى غنتها، والواو تحذف للجازم فحذف ما أشبهها وعلامة الجزم سكون النون المحذوفة، وقرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يضعّفها بتشديد العين، وإسقاط الألف، وقرأ بإسكان الضاد، وقرأ ابن هرمز تضاعفها بالنون. والمعنى واحد وليست المفاعلة فى قراءة الجمهور على بابها، و { من لدنه } متعلق { بيؤت } ، أو بمحذوف حال من { أجراً } أو من الابتداء. وقال قتادة عن نفسه ورواه عن بعض العلماء لأن تفضل حسناتى على سيئاتى بمثقال ذرة أحب إلى من الدنيا جميعاً. ذكره الثعالبى، وعن ابن مسعود وغيره الأجر العظيم الجنة وذكر بعض المتأولين أن الآية خص به المهاجرون، لأن الله تعالى أعلم فى كتابه أن الحسنة لكل مؤمن مضاعفة عشر مرات، وفى الآية مضاعفة مراراً كثيرة، كما قيل عن أبى هريرة يضاعف ألفى ألف مرة، وروى غيره ألف ألف مرة، وقيل ذلك الوعد كله للمؤمنين، وهو مروى عن أبى هريرة.

السابقالتالي
2 3