الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْيَتَٰمَىٰ وَٱلْمَسَٰكِينِ وَٱلْجَارِ ذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْجَارِ ٱلْجُنُبِ وَٱلصَّاحِبِ بِٱلجَنْبِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً }

{ وَاعْبُدُواْ اللَّهَ } وحدوه وافعلوا ما أمركم بفعله، وانتهوا عما نهاكم عنه، وذلك أن التوحيد من جملة العبادة والطاعة، وهو أفضلهما، وعن ابن عباس اعبدوا الله وحدوه، والأولى للتعميم إلا أن أراد أفردوه بالألوهية والعبادة إلا أنه مع هذا يتكرر مع ما بعده من النهى، عن الإشراك، والظاهر أنه أراد بالعبادة فعل الطاعة وترك ما يترك لنهى الله عز وجل إلا التوحيد إلا أنه يدخل التزاماً إذ لا ينتفع بالطاعة إلا بعد التوحيد واعلم أن العبادة فعل الخير، وترك المنكر، إعظاماً لله تعالى، وقيل هو كالطاعة فعل ما أمر به، وترك ما نهى عنه للأمر والنهى، فشمل ذلك عبادة القلب والجوارح، قيل العبودية ترك الاختيار ملازمة الذلة، والافتقار، وقيل العبودية أربعة أشياء الوفاء بالعهود، والحفظ للحدود، والرضى بالموجود، والصبر عن المفقود. { وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً } أى لا تشركوا بالله غيره، من صنم، أو كوكب، أو غيره، فـ { شَيْئاً } مفعول به واقع على الصنم ونحوه، أو لا تشركوا به إشراكاً فهو مفعول مطلق واقع على الإشراك، أى إشراكاً ما، ولو رياءً، وقصد التبرد أو إزالة الوسخ بالوضوء، أو بالاستنجاء، أو باغتسال الجنابة، أو الحيض، أو النفاس، واغتسال الجمعة وإحرام أو نحوه أو قصد إصلاح المعدة فى الصوم، وكإبطاء الإمام فى ركوعه ليلحق به من أحس بدخوله مقاربة إليه، ومع ذلك قصد بأفعاله المذكورة العبادة فلا تنفعه، لأنه خالطها غيرها، " قال معاذ بن جبل رضى الله عنه كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار، يقال له عفير، واسمه يعفور فقال " يا معاذ هل تدرى ما حق الله على عباده وما حق العباد على الله؟ " قلت الله ورسوله الله. قال " فإن حق الله على العباد أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئاً وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً " ، فقلت يا رسول الله أفلا أبشر الناس؟ قال " تبشرهم فيتكلوا " ، ومعنى حق العباد على الله تعالى، ما وعده لهم، ولا واجب على الله، ومعنى قوله لا يعذب من لا يشرك به شيئاً لا يعذب من أخلص قلبه وعمله لله، بأن امتثل الأمر أو اجتنب النهى، ألا ترى أن الشرك فى الآية عم كل ما ليس بإخلاص؟ وانظر كيف أوجب العبادة أيضاً بقوله { وَاعْبُدُواْ اللَّه } ومن نطق بكلمة الشهادة ولم يصل فرضه، أو لم يصم، أو لم يفعل مثل ذلك من الواجبات، فكيف يكون قد امتثل قوله تعالى { وَاعْبُدُواْ اللَّه } وأما قوله " لا تبشرهم فيتكلوا " فإنه بمعنى لا تبشرهم بذلك فيتكلوا عليه لعدم فهمهم معناه، إذ معنى الإشراك شامل الرياء، وسائر الكبائر، ولعلهم يفهمون أنه قول

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7