الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ }

{ وإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى الْيَتَامَى } أى ألا تعدلوا، أى وإن خفتم عدم الإقساط، أى عدم العدل، يقال أقسط، أى أزال الجور، فالهمزة فيه للسلب، كأفردت البعير، أى أزلت قرده، وقسط بلا همزة بمعنى جاد، وقرأ إبراهيم النخعى ويحيى بن وثاب بفتح تاء تقسطوا من قسط بلا همزة بمعنى جاد، أما على أن لا زائدة، كقوله تعالىلئلا يعلم أهل الكتاب } أى وإن خفتم أن تقسطوا، أى تجوروا، وأما على نحو ما ذكر الزجاج، أن قسط الثلاثى، يستعمل بمعنى العدل، كأقسط ويستعمل بمعنى جاد، والمشهور أن أقسط عدل، وقسط جاب قال الله جل وعلاوأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً } من قسط الثلاثى. وقالوأقسطوا إن الله يحب المقسطين } أى اعدلوا. قال الحجاج لسعيد بن جبير ما تقول فى من قال قاسط عادل، فأعجب الحاضرين. فقال الحجاج ويلكم لم تفهموا منه أنه جعلنى جائراً كافراً، ألم تسمعوا قوله تعالىوأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً } وقوله تعالىثم الذين كفروا بربهم يعدلون } والمراد اليتامى النساء اليتيمات فهو جمع يتيمة، وهن الصغار اللاتى مات آباؤهن أو اللاتى بلغن، وقد كن يتيمات، فإن كلا قد أفردن عن آبائهن، سأل عروة عائشة عن قوله تعالى { فَإن خِفْتُمْ أن لا تُقْسِطُواْ فِى الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَاء } إلى قولهأو ما ملكت إيمانكم } فقالت يا ابن أختى هذه اليتيمة تكون فى حجر وليها فيرغب فى جمالها ومالها، ويريد أن ينقص صداقها، أى ومع ذلك يخافون عقاب الله على ذلك، لأن الخطاب للمؤمنين، فأنزل الله جل وعلا الآية ومعناها إن خفتم عدم العدل فى تزوجكم بيتيماتكم بنقص الصداق وأكل مالهن وعدم الوفاء بحق الزوجة لهن. { فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ النِّسَآءِ } أى ما حل لكم من سائر النساء اللاتى يتكلمن بحقوقهن، ويدفعن الجور عن أنفسهن ويناضلن، وقال الحسن كان الرجل يتزوج وليته لأجل مالها، ولا تعجبه هى كراهية أن يشاركه غيره فى مالها، فكان يسىء صحبتها، ويتربص موتها، فرثها. وعليه فالمعنى فانكحوا ما طاب لقلوبكم من النساء، بأن أعجبكم، وقال ابن عباس كان الرجل من قريش يتزوج عشراً من النساء فتثقل عليه مؤنتهن، فيصرف عليهن ما عنده من أموال اليتامى، وهو يخاف من العقاب فى صرفه، وقيل كانوا يتورعون عن أموال اليتامى، ولا يعدلون بين أزواجهم، ولا يوفى الرجل لزوجه حقها، فقال الله جل وعلا إن خفتم عدم العدل فى اليتامى، فخافوا أيضاً عدمه فى النساء، وعليه فالجواب محذوف كما رأيت، وقوله { فانكحوا } نائب عنه، لأنه لازمه ومسببه، ومعنى طاب على هذا صار هيناً لكم، لا يتكدر بالجوز وذلك أن من ترك ذنباً أو تاب منه، وأصر على غيره، لم ينتفع فى الآخرة بذلك.

السابقالتالي
2 3 4