الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلنِّسَآءِ إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَٰنُكُمْ كِتَٰبَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَٰلِكُمْ مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَٰفِحِينَ فَمَا ٱسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَٰضَيْتُمْ بِهِ مِن بَعْدِ ٱلْفَرِيضَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً }

{ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَآءِ } عطف على الجمع، من أن تجمعوا أو على أمهاتكم، فالمحصنات محرمات وهن ذوات الأزواج، لا يحل تزوجهن حتى يفارقن الأزواج، وتم العدة من غير أن يكون مريد التزوج داعياً للمرأة إلى الفراق من زوجها، وسواء كان أزواجهن موحدين، أو مشركين إلا إن سبيت وحدها، أو هى وزوجها فهى أمة بزوجها مالكها من شاء أو يتسراها، وكذا إن سبيت ثم جاء زوجها مسلماً من يشرك، فإنها أمة يزوجها مالكها لمن يشاء أو يتسراها، فلو كان زوجها موحداً فهاجرت ثم هاجر زوجها فهى له، ولو تزوجت قبل الهجرة. قال أبو سعيد الخدرى نزلت الآية فى نساءكن هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهن أزواج فتزوجت ببعض المسلمين، ثم قدم أزواجهن مهاجرين، فنهى الله المسلمين عن نكاحهن أى أمر بفراقهن إن تزوجن، وترك تزوجهن إذا كان أزواجهن موحدين قبل الهجرة، والمحصنات جمع محصنة بفتح الصاد، اسم مفعول والفاعل الزوج، أو التزويج أى واللاتى أحصنهن أزواجهن أو أحصنهن التزويج. وقرأ الكسائى بكسر الصاد فى جميع القراء كان غير هذا الحرف، لأنهن أحصن فروجهن بالتزوج، وكذا قرأ طلحة بن مطرف بكسر الصاد هنا فهو اسم فاعل، والإحصان فى القرآن على أربعة، الأول التزوج لأن الزوج يكون لها حصناً مانعاً عن الزنى باكتفائها به، والمنعة لها. والثانى العفة كقولهمحصنات غير مسافحات } وقوله تعالىوالتى أحصنت فرجها } أى أعفته، لأن الإنسان إذا ارتبط بالعفة وظهرت على شخص ما وتخلق بها، صارت له منعة وحفظاً، والثالث الحرية كقوله تعالىوالذين يرمون المحصنات } أى الحرائر لأنه لو قذف غير الحرة لم يجلد ثمانين، لكم يحتمل أن يكون المراد التى لا يلقين أنفسهن فى التهم بناءً على أنه إذا ظهرت أمارة الزنى لم يجلد قاذفها، وقوله تعالىومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات } وذلك أن الإماء كان عرفهن فى الجاهلية الزنى، والحرة بخلاف ذلك، ألا ترى إلى قوله هند زوجة أبى سفيان حال البيعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، حين نهاهن عن الزنى وهل تزنى الحرة؟. الرابع الإسلام كقولهفإذا أحصن } أى أسلمن لأن الإسلام حافظ مانع، والمراد هنا التزوج، لأن ذات الزوج لا تتزوج بخلاف الإسلام، والعفة، والحرية، فليس مانعات من التزوج، وبعض المواضع يقوى فيها بعض المعانى الأربعة دون بعض، قال ابن عباس فى هذه الآية المحصنات ذوات الأزواج. وسئل ابن شهاب عن قوله تعالى { والمحصنات } فقال حرم الله ذوات الأزواج والعفائف من حرائر، ومملوكات غيرك إلا بنكاح من لا زوج لها، وتسرى المملوكة بملك من سيدها وذلك راجع إلى تحريم الزنى، وهذا ولو كان حسناً عم لفظ الإحصان، ولفظ الملك لكن بظاهره، أنه لا يحرم الزنى بغير العفيفة، وليس ذلك مراداً فالزنى مطلقاً حرام، ولعله أراد بالعفائف مطلق الحرائر، لأن من شأنها العفة وقيل أراد بالمحصنات من فوق أزواج إلى حله الأربع، فإنه لا يحل له فوقهن إلا التسرى، كما قال { إِلاَّ مَا مَلَكْتَ أَيْمَانُكُم }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6