الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَآتُواْ ٱلْيَتَامَىٰ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ ٱلْخَبِيثَ بِٱلطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُوۤاْ أَمْوَالَهُمْ إِلَىٰ أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً }

{ وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ } أى اعطوا اليتامى أموالهم وإيضاح ذلك ما ذكره الزمخشرى " أنه نزلت فى رجل من غطفان، كان معه مال كثير لابن أخ له يتيم، فلما بلغ طلب المال، فمنعه عمه، فترافعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية، فلما سمعها العم قال أطعنا الله وأطعنا الرسول، نعوذ بالله من الحوب الكبير، فدفع ماله إليه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " ومن يوق شح نفسه ويطع ربه هكذا فإنهُ يحل داره " يعنى جنته، فلما قبض الصبى ماله أنفقه فى سبيل الله، فقال النبى صلى الله عليه وسلم " ثبت الأجر وبقى الوزر " قالوا يا رسول الله قد عرفنا أنهُ ثبت الأجر، فكيف بقى الوزر؟ وهو ينفق ماله فى سبيل الله؟ فقال " ثبت أجر الغلام، وبقى الوزر على والده ". والخطاب فى { آتوا } للأولياء، والأوصياء، واليتيم شرعاً من مات أبوه وهو فى بطن أمه، أو مات أبوه وهو غير بالغ، هو مشتق من اليتم وهو الانفراد، يقال درة يتيمة، أى منفردة لا نظير لها، ومن مات أبوه فقد انفرد عن أبيه، ولو كان بالغاً فى لغة العرب، وكانت قريش تقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم يتيم أبى طالب، إما لانفراده عن أبيه ولو كان رسول بلغ الأربعين، وإما لاعتبار ما كان عليه، وهو أنهُ كان طفلا مات أبوه، وقد كان فى البطن حين مات أبوه، ومن التسمية الشرعية، قوله صلى الله عليه وسلم " لا يتم بعد بلوغ " أو لا يتم بعد الحلم، أى لا تجرى عليهِ أحكام الطفولية بعد بلوغ، وبعضها يجرى حتى يأنس رشده، وكذا تسميتهم فى الآية يتامى وهم بلغ، إما لأنهم قد كانوا يتامى، وإما لانفرادهم بحسب العلة، وإما على تقدير الشرط، أى وآتوا اليتامى إذا بلغوا، أى آتوا هؤلاء القوم الذين لم يبلغوا أموالهم إذا بغلوا لأن جسم الإنسان طفلا جسمه بالغاً، ووجه الوجه الأول الحث على دفع أموالهم إليهم أول بلوغهم إن أنس رشدهم، وإنما جمع على يتامى، مع أم فعيلا لا يجمع على فعالى إذا كان صفة، لأن يتمياً، ولو كان بوزن فعيل، لكن قد تغلبت عليه الاسمية فلم يكن له حكم الصفة، ولذلك لا يذكر معه موصوف، وإذا ذكر فقد رجع به إلى الأصل، وفعيل إذا كان اسماً يجوز جمعه على فعالى، قياساً مطرداً، وأصله فعائل نحو أفيل وأفائل، وهى صغار الإبل، كابن مخاض والأنثى أفيلة، وأصله يتائم كصحائف كقوله
أطلال حسنى بالبراق اليتائم سلام على أحجار كنَّ القدائم   
حسنى علم امرأة أو صفة، والبراق جمع برقة وهى الأرض التى فيها الحجارة السود، والبيض، وقدمت الميم على الهمزة، فرجعت الهمزة إلى ما كانت بدلا عنه، وهو الياء، وقد كسرت الميم لأنها فى مقام ما يكسر وهو تالى ألف مفاعل فتحت وقلبت الياء ألفاً، فصار يتامى.

السابقالتالي
2 3