الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ ٱلنِّسَآءَ كَرْهاً وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَٰحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً }

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُواْ النِّسَآءَ كَرْهاً } أن ترثوا نكاح نساء أقاربكم، فتتزوجوا بهن أو تزوجوهن بحسب ما أردتم ولو كارهات، كما ورثتم مال أزواجهن، وقيل المعنى لا يحل لكم تزوجهن كارهات، كان الرجل إذا مات قريبه الذى هو عصبته تزوج امرأته، ولو كرهت. وقيل أن ترثوا مالهن بأن يمسكوهن، لا يتزوجون بهن، ولا يزوجوهن حتى يفتدين بما ورثنن و { كَرْهاًً } مفعول مطلق، أى إرث كره أو حال من النساء، أى كارهات، أو ذوات كره، ويضعف أن يكون اسم مصدر كره، فهو بمعنى إكراه، فحينئذ يكون بمعنى اسم مفعولا، كره حالا من النساء، أى مكرهات، أو بمعنى اسم فاعل أكره حالا من واو { تَرِثُواْ } أى مكرهين. وقرأ حمزة والكسائى كرها بضم الكاف فى جميع القرآن، والمعنى واحد، وهو نفار القلب عن الشىء، وقيل بالضم المشقة، وبالفتح ما يكره عليه، وليس كذلك. { وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ } لا تعضلوهن عن الزواج، ولا صلة لتأكيد النفى السابق، وليست ناهية، والفعل منصوب بحذف النون، لا مجزوم، والعطف على { تَرِثُواْ } أى لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرهاً وتعضلوهن. زعم بعض أن الخطاب لأقارب الزوج الذى يرمى أحدهم ثوبه على امرأته، فيرث ماله وأمر زوجته فيعطلها حتى يرث مالها، أو تفتدى كما مر، كما قال { لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَآ آتَيْتُمُوهُنَّ } أى ببعض ما آتاهن، أمثالكم من جنبكم، وهم الأزواج الأقربون إليكم قبلكم، الذين ماتوا، وذلك أنه يعضلها حتى تفتدى ببعض ما أعطاها الزوج الأول، وإن أعطته كل ما أعطاها الأول أخذه، ويرد ذلك الزعم قوله تعالى { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } لأنها إذا أتت بفاحشة مبينة، ليس يسوغ له أن يعضلها ليذهب ببعض ما أصدقها الأول، ولا أن يرثها كرها، وكذا يرده ما بعد إلى غليظاً، إلا أن يدعى أن قوله { وَعَاشِرُوهُنَّ.. } إلخ راجع معنى إلى قوله { وآتوا النساء صدقاتهن } أو إلى الأزواج هكذا عموماً أزواجهن التى لم يطلقوهن ولم يموتوا عنهن، فالحق فى تعضلوا جواز أن يكون منصوب بأن على حد ما مر، وأن يكون مجزوماً على أن { لا } ناهية، والحق أن الخطاب إما للأزواج الأحياء الذين يعطلون أزواجهن حتى يمتن فيرثوهن، أو يفتدين منهم ببعض ما أصدقوا لهن، ولا سيما بكله، فإنه أشد نهياً يكونون معهن بإساءة العشرة، وترك جماعهن كراهة عنهم لصحبتهن، وضيقاً بمهرهن فلا هن واصلات حقوقهن، ولا هن مطلقات يتزوجن غيرهم، كما قاله ابن عباس، وأما لأزواجهن المطلقين لهن يطلقوهن لم يراجعونهن ثم يطلقونهن مضارة لهن، كما هو قول بعض، والقولان مناسبان لقوله { إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ } ، وقوله { وعَاشِروهُنَّ بالمعروف } إلى قوله { ميثاقاً غليظاً }.

السابقالتالي
2