الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }

{ إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ } مبتدأ وخبره على حذف مضاف، أى إنما قبول التوبة ثابت على الله، وقيل تقدير المضاف يقدر ثابتة على الله، والتوبة المذكورة من العاصى، ويجوز أن تكون من الله، فلا يقدر مضاف من قولك تاب الله عليه بمعنى قبل توبته. { لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ } أى الذنب يسمى سوء عاقبته. { بِجَهَالَةٍ } أى بسفه، سواء كان سفهه لعدم علمه، بأن ما عمله ذنب، لأنه لا يعذر بعدم العلم إذا قازف الحديث الصحيح، " ويل لمن لم يعلم ولم يعمل " أو كان سفهه عدم عمله بما علمه، فإن عدم العمل بما علم جهل حقيقة أيضاً أو مجاز، لشبه العالم الخارج عن العمل بعمله بالجاهل، كأنه جهل أنه ذنب، وكأنه جهل أن عليه عقاباً، وكأنه جهل أن لذة الدنيا فانية، وتفسيرى بالسفه من عموم المجاز، لا جمع بين الحقيقة والمجاز، ومما جاء فيه الجهل بمعنى عدم جرى الإنسان على مقتضىعلمه، قول موسى عليه السلامأعوذ بالله أن أكون من الجاهلين } أى من المتخذين الناس هزءاً وقوله تعالى لنوح عليه السلامإنى أعظك أن تكون من الجاهلين } وقول يوسفأصب إليهن وأكن من الجاهلين } وقوله لإخوتهإذ أنتم جاهلون } قال قتادة أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن كل ما عصى به الله فهو جهالة، وكل من عصى الله فهو جاهل، حتى ينزع عن جهالته. وللذين متعلق بمحذوف حال من الضمير فى { على الله } أو بما تعلق به على الله، وإذا قلت إن الظرف متعلق بما تعلق به الخبر، أو النعت، أو الحال فاعلم أنه خبر ثان، أو حال ثان، أو نعت ثان، ويجوز تعليق { على الله } بالتوبة، على معنى إنما التوبة من الله، أو بمحذوف معرف نعت للتوبة، ذكر مثل هذا بعض المتأخرين، أى التوبة الثابتة على الله والخبر للذين، وبجهالة حال من واو { يعملون } ، والباء للمصاحبة. { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ } أى من زمان قريب وهو جميع ما بعد ذنبه، وقبل معاينة ملك الموت، أو أمر من أمور الآخرة عند احتضاره، وذلك لأن الدنيا كلها زمان قريب، فكيف عمر الإنسان، وكيف ما بعد ذنبه؟ قال صلى الله عليه وسلم " إن الله يقبل توبة عبده ما لم يغرر " وروى عطاء أنها تقبل قبل موته ولو بفواق ناقة. قال أبو قلابة إن الله تعالى لما خلق آدم فرآه إبليس أجوف، ثم جرى له ما جرى ولعن، وانظر قال وعز تلك لا برحت من قبله ما دام فيه الروح، فقال الله عز وجل تعالى وعزتى لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح، ويروى وعزتى وجلالى وارتفاعى فى مكانى لا أزال أغفر له ما دام يستغفرنى، وظاهر هذا الحديث الربانى أوسع لأنه يفيد قبول التوبة، ولو غرغر، ما دامت فيه روحه، ولو عاين أمراً من الآخرة أو ملك الموت، والجواب أنه إذا غرغر لم تبق فيه قدر ما يتوب، وقيل تبقى قدر ما يتوب لكن لا تقبل، وعن بشير بن كعب والحسن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال

السابقالتالي
2