الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً }

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا } بجحود الحق وتركه. { وَظَلَمُوا } أنفسهم بذلك وغيرهم بالصد عن الحق، وأكل أموالهم، والقدح فى أعراضهم، وغير ذلك، ومحمد صلى الله عليه وسلم بانكار نبوته، وتبديل صفاته وكتمها، والآية دليل لأصحابنا على أن المشركين مخاطبون بفروع الشريعة ومعاقبون عليها، فالمشرك مخاطب فى حال شركه بالصلاة والصوم ونحو ذلك، وترك الزنى والخمر ونحو ذلك، لكن لا يصح منه نحو الصلاة الا بتقديم أصولها فهو مخاطب بالفروع والأصول حال شركه، ومخاطب بتقديم الأصول. ووافقنا الشافعية فى أنهم ليعاقبون بالفروع، وخالفونا فى أنهم لم يخاطبوا بها حال الشرك، وهذا بظاهره متناقض، لو لم يخاطبوا بها لم يعذبوا بها، ولعلمهم أرادوا أنها لا تصح منهم لو أتوا بها قبل الايمان. وقال أبو حنيفة لم يخاطبوا بها، ولا يعاقبون عليها، وأولوا قوله تعالىما سلككم فى سقر } الآية بأن معنىلم نكن من المصلين } لم نكن ممن يعتقد وجوب ذلك، أى لم نكن من المؤمنين، ووجه دلالة آية السورة على أنهم مخاطبون بفروع الشريعة بناء الوعيد على الظلم العام، ليقر الشرك كبنائه على الشرك اذ قال { لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ } ذنوبهم، أو لم يكن الله ليسترهم فى الدنيا، بل يفضحهم فيها بالقتل والسبى والاجلال، وفى الآخرة بالنار، وذلك كله لمن علم الله أنه يموت مصرا. { وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً } يخرجون عليها من النار، فان كل من دخلها لا يخرج منها، وفيه رد لقولهم يمكثون فيها أياما معدودات، أو ليهديهم طريقا الى الايمان، أى لا يوفقهم.