الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّـٰكِنِ ٱلرَّاسِخُونَ فِي ٱلْعِلْمِ مِنْهُمْ وَٱلْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيكَ وَمَآ أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَٱلْمُقِيمِينَ ٱلصَّلاَةَ وَٱلْمُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَٱلْمُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أُوْلَـٰئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً }

{ لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ } مبتدأ خبره جملة يؤمنون بعده. { فِى العِلْمِ مِنْهُمْ } كعبد الله بن سلام وأصحابه، دلت الآية أن الرسوخ فى العلم انما هو العمل به، والثبوت عليه، لا كثرة حفظه، وجمع مسائله، لأن فى اليهود من هو مثل عبد الله بن سلام أو أعلم منه، لكنه كفر فعدم عمله بما علم زلق عن العلم، وعدم ثبوت ورسوخ فيه. { وَالمُؤمِنُونَ } من أهل الكتاب، وهم الذين لا يعدون فى العلماء لكن معهم من العلم ما يؤدون به الفرض، ويتركون المحرم، وقيل هم الراسخون أى متصفون بالرسوخ والايمان، وقيل المراد المؤمنون من المهاجرين والأنصار وغيرهم ممن آمن من العجم، كسلمان وبلال، وعلى كل حال المراد المؤمنون بالله ورسوله تحقيقا، فانهم يؤمنون بالنبى محمد صلى الله عليه وسلم والقرآن يوصلهم تحقق ايمانهم الى الايمان بهما، كما يوصل الراسخين اليه رسوخهم، وتحقيق العلم كما قال الله جل وعلا { يُؤمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ } من القرآن وسائر الوحى. { وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ } من كتب الله وسائر وحيه، والايمان بكتاب نبى ما ايمان بذلك النبى، والايمان بنبى ما ايمان بما أنزل اليه. { وَالمُقِيمِينَ الصَّلاةَ } أى واذكر يا محمد فى هذا المقام المؤمنين المقيمين الصلاة، أو لا تنسى المقيمين أو أعنى المقيمين أيضا، أو أمدح المقيمين، أو أذكر المقيمين، وحكمة المجىء به مخالفا لما قبله الاشعار بفضلهم، ومثل هذا عندى يجوز فى الوسط والآخر لا فى الآخر فقط، كما قيل، لأن هذا عطف، وليس من قطع النعت فضلا عن أن يقال لا اتباع بعد قطع، فهذا النصب جائز، سواء جعلنا يؤمنون خبر الراسخون، وأولئك سنؤتيهم خبر المؤتون، أو يؤمنون حالا من ضمير المؤمنون على بقاء الوصفية، مقيدة بما أنزل اليك لا مؤكدة، وجعلنا أولئك سنؤتيهم خبر الراسخون، وما عطف عليه. ومن قال لا يجوز ذلك ولو فى العطف الا فى الآخر قال يؤمنون خبر الراسخون، أو جعل المقيمين معطوفا على ما أنزل اليك، فيكون المقيمين هم الأنبياء، أى يؤمنون بما أنزل اليك وما أنزل من قبلك، وبالأنبياء المقيمين، فيكون تصريحا بالايمان بهم بعد أن لوح الى الايمان بهم بدل الايمان بما أنزل عليهم تأكيدا، أو يكونوا المقيمين الملائكة، لأنهم يسبحون الليل والنهار لا يفترون، وقيل المقيمين المؤمنون من هذه الأمة، معطوف على الكاف، وفيه أنه لو كان كذلك لترجح إعادة الخافض ولقيل، وقيل المقيمين. وفى مصحف عبد الله بن مسعود والمقيمون بالواو، وهى قراءة مالك بن دينار رضى الله عنه، والجحدرى، وعيسى الثقفى، وهو معطوف على الراسخون، أوعلى ضمير يؤمنون، وخبر المرفوعات كلها أولئك سنؤتيهم، ويؤمنون حال على ما مر، أو يؤمنون خبر، والمقيمون مبتدأ خبره أولئك الى آخره، يجوز عطف المرفوعات بعد يؤمنون على واوه، أو على الراسخون، والخبر يؤمنون، فتكون واو يؤمنون عائدة على ما بعدها وقبلها اذا عطفهن على الراسخون، ويكون أولئك مستأنفا اذا لم نجعله خبرا، فأنت خبير بأوجه نصب المقيمين وأوجه رفعه عطفناهن.

السابقالتالي
2 3