الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

{ وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا } يأتيان الفاحشة. { مِنكُمْ } يا أهل ملة التوحيد، وحكم المشرك فى المسألة حكم الموحد والمراد الرجلان اللذان يلاوطان. { فَآذُوهُمَا } بالكلام والتعبير بزناهما، والضرب الخفيف بنحو النعال إذ لا يمكن حبس الرجل حتى يتوفاه الموت لأنه يقوم على عياله بالكسب، فكان حده الإيذاء. { فَإِن تَابَا } عن اللواط. { وَأَصْلَحَا } عملا، الأعمال الصالحة، بأن كفا أنفسهما عن مجاورة من يدعو لذلك وممارسته، والتكليم بما يدعو لذلك والنظر المؤدى لذلك. { فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ } عن إيذائهما إلى الستر عليهما، فيكون حكم الزانى بالمرأة غير مذكور فى السورة، إذ ذكر فى الآية الأولى حبس النساء إذا زنين برجل، أو فى الثانية حكم المتلاوطين، فتأخر ذكر حكمه حتى نزل الجلد والرجم، ولا بأس بذلك، ولله تعجيل ما شاء وتأخير ما شاء. ويجوز أن يكون المراد باللذان يأتيانها الإنسانين الذين يأتيانها الذكر مع ذكر أو الذكر مع الأنثى، فالأنثى تحبس كما ذكر فى الآية الأولى، وتزاد الإيذاء بهذه الآية والذكر يؤذى ثم كان الجلد والرجم وكان بالسنة قتل الملاوطين بالسيف، أو الرجم، أو بالرمى بهما من شاهق فيموتا، ولو لم يحصنا. وقال بعضهم اللذان يأتيانها هما الرجل والمرأة يزنى كل منهما بالآخر، ثنيا باللذان تغليباً الذكر، والإيذاء بالتغريب والجلد، وهذا خلاف الظاهر لأنه قد أفرد النساء أولا، قيل نزلت هذه الآية قبل الأولى واللذان مبتدأ خبره محذوف أى مما يتلى عليكم اللذان، أى حكم اللذان. وقيل مبتدأ خبره جملة الأمر بعده والفاء فيها لشبه المبتدأ باسم الشرط فى العموم الإبهام. وقرأ ابن كثير { اللذان } بتشديد النون وتمكين الألف. وقرأ بتشديد النون وهمز الألف وبدأ بالرجل فى السرقة وبالأنثى فى الزنى لأن الرجل أقوى فى السرقة والمرأة أقوى فى الاحتيال فى الزنى، إذا أرادت. { إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً } هذه علة لقوله { فأعرضوا }.