الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِن مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً }

{ وَإِن مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ } ما منهم أحد. { إِلا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ } أى بعيسى أنه رسول الله وعبده وكلمته، لا إله ولا ابن إله ولا ثالث ثلاثة، ولا كاذب أو ساحر، هذا قول ابن عباس وجمهور المفسرين. وقال عكرمة الهاء لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وفيه أن الكلام قبل هذا فى عيسى، فيرجع اليه الضمير، وعلى قوله لا يموت كتابى الا رفعت شعلة الى وجهه قبل موته، فيؤمن به حين لا ينفعه الايمان، ولو غرق فى البحر، وقيل الضمير لله. { قَبْلَ مَوْتِهِ } أى قبل موت عيسى، أو قبل موت الكتابى، وهو كما قال الزجاج أولى العموم، وان من أهل الكتاب من كان وقت نزوله، ومن كان قبله، ولا يجاب بأن من فى وقت نزوله عام، لأن الأول أعم، والأولى أن يقال الآية شملت من فى زمان نزوله يقتله، أو يؤمن، ومن قبله فانه ترفع له الشعلة عند موته فيؤمن ويدل لعود هاء موته الى الكتابى أن فى مصحف أبى قبل موتهم بضمير الجمع، فان أحدا من أهل الكتاب عام لوقوع فى سباق النفى، فان ان نافية، فأبى يقرأ بضم نون ليؤمنن الأولى لأجل واو الجماعة، ولا يعود هذا الضمير الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، واذا رددنا هاء به الى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الهاء التى فى قوله { قَبْلَ مَوْتِهِ } عائدة الى الكتابى لا غيره، وقد تعود الى عيسى بمعنى أنه لا يموت عيسى الا وقد آمن أهل الكتاب الذين فى زمان نزوله بمحمد كلهم الا من أبى فقتله، أو أهل الكتاب فى زمان نزوله بقهره بالقتل، ومن قبله يرفع شعلة نار عند موته الى وجهه. وعن ابن عباس الضميران لعيسى، وعنه الأول له والثانى للكتابى، وأما المستكن فى يومين فللكتابى لا غيره، وجملة { لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ } مع القسم المحذوف مفعول لقول محذوف، وذلك القول خبر المبتدأ المحذوف الموصوف بقول من أهل الكتاب، أى وان أحد ثابت من أهل الكتاب الا مقول فيه والله ليؤمنن به قبل موته، سواء احترق، أو تردى من شاهق، أو سقط عليه جدار، أو أكله سبع، أو مات فجاءة فقيل له أرأيت ان خر من فوق بيت؟ قال يتكلم به فى الهواء، فقيل له أرأيت ان ضربت عنقه؟ قال يتلجج بها لسانه. وانما مثل بالخرور من فوق البيت على تقدير أنه مات فى الهواء، وعن شهر بن حوشب أن اليهودى اذا حضرته الوفاة ضربت الملائكة بأجنحتها وجهه ودبره وقالوا يا عدو الله أتاك موسى نبيا فكذبت به، فيقول آمنت أنه عبد الله ورسوله، ويقول للنصرانى أتاك عيسى فزعمت أنه الله وابن الله، فيقول آمنت أنه عبد الله ورسوله، فأهل الكتابين يؤمنون به، ولكن لا ينفعهم ذلك الايمان، ولعل مراد شهر أن اليهودى كما يؤمن عند موته بعيسى، يؤمن بموسى، كما يؤمن النصرانى بعيسى عند موته، ولم يرد أن هذه الآية فى الكتابى النصرانى فقط، بل كل كافر من أهل الكتاب ولو صائبا.

السابقالتالي
2 3