{ مَّا يَفْعَلُ اللهُ بِعَذّابِكُمْ } خطابا للمنافقين. { إِن شَكَرْتُمْ } نعمه. { وَآمَنتُمْ } هذه الواو عطفت السابق على اللاحق، لأن الشكر انما هو بعد الايمان بالله تعالى، ولا يتصور من مشرك شكر، ويجوز أن تكون للحال على تقدير قد، وقيل لا يلزم تقديرها، ولو كان الفعل ماضيا متصرفا مثبتا، وهى من قبل الحال المحكية، أى شكرتم وقد قدمتم ايمانا على شكركم، ويجوز أن تكون لعطف اللاحق على السابق يلوح بذلك على، الى أن العقل يوجب أمر شكر المنعم اذا رأى المنعم المفاضة عليه، التى ليست باختياره، وبعد ذلك يعلم بالدلائل أن المنعم هو الله جل وعلا، فيؤمن به، والاستفهام للانكار، أى لا يفعل بعذابكم شيئا ينفعه أو يضره، لأنه لا يناله ضر بمعصيته العاصى أو غيرها، فيشقى بعذابه بعد توبته، أو يدفع بعذابه ضرا وهو الغنى لا يحتاج لنفع فيستجلبه بعذاب المنافق، وانما يعذب من أصر لحكمة، اذ ليس من الحكمة اهمال العاقل، لأن اهماله يؤدى الى اباحة الشتم لله عز وجل، والاشراك به، وأيضا المعصية فى العاصى كسوء مزاج فى الحيوان يؤدى الى مرضه ودواؤه ما ذكره الله من التوبة عما مضى، واصلاح ما مضى، وما استقبل، والحال والاعتصام بالله، والاخلاص فهذه أربع تنفى وياء المعصية كنفى الدواء للمرض باذن الله وقدره، والا فتعذيب العاصى لا يزيد فى ملك الله تعالى ولا ينقص منه ترك تعذيبه. وانما قلت الخطاب للمنافقين لقوله { إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ } فكأنه قيل كيف أعذبكم ان خرجتم عن النفاق، ثم رأيته محكيا عن الطبرى، ورد عليه بأنه لا دليل على تخصيص المنافقين، وأجيب بأن الدليل آمنتم، وحمله الراد على عموم المؤمنين والمنافقين، ويلزم عليه الجمع بين الحقيقة والمجاز بلغة واحد، لأن ما الشكر أو الايمان حقيقتان فى المنافق، مجازان فى المؤمن، لأن المعنى فى حقه ان بقيت على الشكر والايمان، وحمل الشكر والايمان على البقاء عليهما مجاز، الا ان حمل على عموم المجاز، أو اعتبر من المؤمن شكره وايمانه اللذان يجددهما، وفى الجمع المذكور خلاف. { وَكَانَ اللهُ شَاكِراً } مجازيا لكم على شكركم بأكثر منه، وقيل الشكر من الله تعالى قبول العمل واضعاف ثوابه. { عَلِيماً } بشكركم وايمانكم، فلا يفوتكم شىء من الجزاء عليهما.