الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ فِي ٱلدَّرْكِ ٱلأَسْفَلِ مِنَ ٱلنَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً }

{ إِنَّ المُنَافِقِينَ فِى الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ } ان الذين أوتوا بالقول، وضيعوا العمل، سواء كان أيضا الشرك فى قلوبهم أو لم يكن، وقال غير أصحابنا المنافقون هم الذين أظهروا الشرك، وأظهروا التوحيد، وقال أصحابنا هم الذين ضيعوا العمل وفى ألسنتهم وقلوبهم التوحيد، ويدل له قوله صلى لله عليه سلم " ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وزعم أنه مسلم من اذا حدث كذب، واذا وعد أخلف، واذا اؤتمن خان ". وزعم غيرهم أنه سمى من كن فيه منافقا تغليظا وتشبيها بمن أضمر الشرك، وهو خلاف الظاهر، نعم الذى يظهر لى أن المنافق يطلق بالوجهين، كما رأيت الدلائل كالمنافقين فى صورة التوبة فان الظاهر أنهم مشركون، وذكر الخازن قول أصحابنا بقوله، وقيل هو الذى يصف الاسلام بلسانه، ولا يعلم بشرائعه، أو عنى قوله حذيفة المنافق الذى يصف الاسلام، ولا يعمل به، وقول الحسن أبى على النفاق زمان، وهو متروك فيه، فأصبح قد عمم وقلد وأعطى سيفا يعنى الحجاج. وقول ابن عمر لما قال له ندخل على السلطان ونتكلم بكلام فاذا خرجنا تكلمنا بخلاف إنا كنا نعد هذا من النفاق، وهذه الروايات دلائل لأصحابنا. والدرك الأسفل من النار الطبقة السفلى من النار، سميت طبقاتها دركات لأنها تداركت آى تلاحقت واتصلت يتلوا بعض بعضا، وبعض تحت بعض متصل به، وانما كان المنافقون فى سفلاهن على مذهب أصحابنا فيما يظهر لى، لأنهم علموا ما لم يعلمه المشركون وحققوا ما لم يحقق المشركون، ودركات جنهم سبع، وقد قال صلى الله عليه وسلم " ويل لمن علم ولم يعمل سبع مرات " فكانت لهم مجاوزة ست دركات والوقوع فى السابعة الجامعة لأنواع عذاب الست وزيادة، ولأنهم شاركوا المشركين فى مطلق المعاصى، وزادوا بالخدع للمسلمين وغشهم. والاستهزاء بالايمان وان لم يكونوا بصورة الخداع، وظهر أمرهم ففيهم الاستهزاء به وان أضمروا الشرك اذا أطلقنا اسم المشرك على مضمره، ففيهم تلك الشرور كلها مع عظم الخدع بكونه بالشرك، ولا سيما أن ضموا اليه نقل أسرار المسلمين للمشركين، والدلالة على المسلمين لمن يقتلهم أو يأخذ مالهم، وكانوا أشد تمكنا من المسلمين، لأنهم عدو داخل، ومن حضر منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أشد عذابا، لأنه شاهد المعجزات الحق أرق. قال أبو هريرة، وابن سعود وغيرهم المنافقون فى الدرك الأسفل من النار فى توابيت من النار، تقفل عليهم، وتوقد النار من تحتهم وفوقهم، وعبارة بعض غير أصحابنا أن المنافقين مختصون بزمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس على ظاهره، وانما أراد نفى تسمية من فسق بعد موته منافقا، لم يرد أنه ان اتصف أحد بعده صلى الله عليه سلم بصفة المنافقين على عهده لا يسمى منافقا، وغير أصحابنا يقولون ان الفسقة من هذه الأمة يكونون فى الطبقة الأولى من النار، وهى الأعلى والظاهر أنهم يقولون كذلك فى فسقة سائر الأمم، وأنهم يقولون باخراجهم أيضا من النار، كما يقولون فى فسقة هذه الأمة، وقرأ الكوفيون باسكان راء الدرك والفتح أولى، لأنه يجمع على ادراك لا أدرك، وفسر بعضهم الدرك بالفتح والاسكان ببيت مقفل عليهم توقد النار فوقه وتحته، وبعض بتابوت توقد فوقه وتحته.

السابقالتالي
2