الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّعَنَهُ ٱللَّهُ وَقَالَ لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }

{ لَّعَنَهُ اللهُ } أخبار بأنه مبعد عن رحمة الله، لا دعاء، لأن الله لا يدعوا، لأن الداعى محتاج مغلوب تعالى الله، فالجملة نعت ثان لشيطان، أو حال منه، لأنه قد نعت، وقد يجوز أن يكون دعاء على معنى مفعولا فيه، لعنه الله أى يقول فيه كل عاقل ذلك. { وَقَالَ } وذلك قول منه لعنه الله حقيق أو قول بلسان الحال اذ اجتهد فى الإغراء لمعانى الجمل بعده عطف على لعنه الله على الاخبار، وهو يؤيد الاخبار والا كان عطف اخبار على انشاء الا على تقدير قيل فيه لعنه الله، وقال ولا مانع من كون الواو للحال فى الأوجه كلها، وصاحب الحال أو الشيطان على تقدير قد، وقيل يجوز أن لا تقدر. { لأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيباً } مقدارا مقدرا. { مَفْرُوضاً } مقطوعا ادعوهم لمعصيتك فيعصونك بالاشراك وما دونه، وذلك منه لعنه الله دعاء للناس والجن الى عبادة نفسه، والشرك أفحش المعاصى، ولا سيما هذا الشرك الذى هو دعاء لعبادة نفسه، ودعاء أيضا الى الشرك مع الحلف عليه عنادا، كأنه قال وان يدعون الا شيطانا مجردا من كل خير، ملعونا وقائلا قولا أفحش قول، ثم انه لا أضل ممن يقتدى بمن تجرد من كل خير، فالاقتداء به ضلال، وبعد عن الهدى، ولعن فلا يجلب الاقتداء به الا اللعن، وسعى فى اقتطاع قطعة منهم ليهلكها، فسلامته ضلال مبين، فكيف بموالاته، وكيف بعبادته، ومع ظهور فظاعة ذلك كان ذلك النصيب من بنى آدم خاصة من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين الى النار، وواحد الى الجنة، وذلك بعث النار فى الحديث المشهور. والظاهر أنهم من الجن كذلك، وكل من فعل كبيرة فقد دخل فى النصيب المفروض لإبليس فى الظاهر، فان مات مصرا عند الله فهو من ذلك النصيب، وان تاب فليس منه حقيقة فيكون كمن انضم الى الكفار، ثم خرج عنهم الى المسلمين.