الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ } خطاب لأهل مكة، ويشتمل غيرهم بالمعنى، أو هو خطاب للناس مطلقاً، كقوله تعالى { يا بنى آدم } ، دخل فيه أهل مكة، وهذا الوجه أولى لعمومه لفظاً ومعنى، والخصوص يحتاج لدليل ويناسب العموم فضل مناسبة، قوله تعالى { اتَّقُواْ رَبَّكُمُ } إن تخَالِفُوا أمْرَه أو نهْيَهُ. { الَّذِى خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } هى آدم، والمراد بالنفس الشخص، والتأنيث فى واحدة باعتبار لفظ النفس، ولا يدخل فى الخطاب من مات قبل نزول الآية لأن الميت لا تكليف عليه ولا أمناً حوى لذلك لقوله { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } حواء، وكانت كغيرها فى الخلق منه، إلا أن الخلق منه ثلاثة خلق من لحمه ودمه وعظمه، وهو خلق حواء عليها السلام، إذ خلقت من ضلعه القصير الأيسر، وخلق من نطفته، وهو خلق آدم أولاده، من صلبه، وخلق بالتفرع من فروعه، وهو خلق سائر الناس، وأيضاً لم يدخل حواء فى الخطاب، لأنه يلزم أن يكون آدم خلق من نفس، ويكون خلق الزوج وبث الرجاء والنساء داخلين فى قوله { خَلَقَكُمْ مِّنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } فيكون ذكرهما بعده تكراراً، وما ذكرت من كونهما مخلوقة من الضلع هو الصحيح المشهور، وورد به الحديث الصحيح بروايات منها ما لفظه هكذا " إن المرأة خلقت من ضلع، فإن ذهبت مقيمها كسرتها، وإن تركتها وبها عوج استمتعت بها " وعن ابن عباس خلق الله آدم وحشا فى الجنة وحده، ثم نام فانتزع الله إحدى أضلاعه القصيرة من شماله. وقيل من يمينه خلقت منه فى نومه. قال ابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهما فى الجنة. وقال ابن إسحاق ووهب وكعب الأحبار فى الدنيا قبل أن يحمل إلى الجنة فلما استيقظ وجدها بجانبه، قال من أنت؟ قالت المرأة خلقنى الله لتأنس إلى، فأنس بها لأنها منه. وعن مجاهد لما استيقظ وجدها بجنبه، فقال أفى أفى؟، وأفى بالعبرانية المرأة. وزعم بعض أنها لم تخلق من جسم آدم، وإنما خلقت من طينة فصلت من طينته على أن يقدر مضاف فى قوله { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } أى وخلق من جنسها زوجها، وبه قال أبو مسلم الخولانى وجعله كقوله تعالىوالله خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أنْفُسِِكُمْ أزْوَاجاً } أى من جنس أنفسكم، وقوله تعالىإذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم } وقوله تعالىلَقَدَ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أنْفُسِكُمْ } ولا دليل ولا دليل على هذا القول، بل يرده الحديث، وقوله تعالى { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَة } إذا لو خلقت حواء من غير آدم لكنا مخلوقين من نفسين، وكون من الابتداء لا يصح جواباً، لأن ابتدائنا على ذلك القول يكون من نفسين لا من نفس واحدة، وجملة { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } معطوفة على { خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَة } أو على نعت محذوف، أى من نفس واحدة خلقها وخلق منها زوجها، مجملة { خلقها } نعت لـ { نفس } ويجوز كونها حالا لها.

السابقالتالي
2 3 4