الرئيسية - التفاسير


* تفسير هميان الزاد إلى دار المعاد / اطفيش (ت 1332 هـ) مصنف و مدقق


{ أَفَمَن شَرَحَ ٱللَّهُ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ عَلَىٰ نُورٍ مِّن رَّبِّهِ فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ }

{ أَفَمَن } في الهمزة ما مر* { شَرَحَ اللهُ صَدْرَهُ للإِسْلاَمِ } لطف الله به ووسع صدره وفتحه للاسلام ورغبه فيه وهداه الى قبول الحق* { فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِّن رَّبِّهِ } أي بيان هداية ومعرفة والاهتداء للحق ويقين. قال ابن مسعود رضى الله عنه " تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم الآية فقلنا يا رسول الله كيف انشراح صدره؟ قال اذا دخل النور القلب انشرح وانفتح قلنا يا رسول الله فما علامة ذلك قال الانابة الى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت به " وروي قبل نزول الموت، وروي قبل نزوله. وفي الحديث تفسير الصدر بالقلب ذكر القاضي أن الصدر محل القلب المنبع للروح المتعلق بالنفس القابل للاسلام وخبر من محذوف أي فمن لطف به وشرح صدره كمن لم يلطف به فهو حرج الصدر قاسي القلب كأنه قال أفمن شرح الله قلبه للاسلام فهو على نور من ربه كمن لم يشرح له صدره وهو قاسي القلب. { فَوَيْلٌ لِّلقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم } قسوة القلب شدته وقلة انفعاله للوعظ مأخوذة من قسوة الحجر فهي استعارة لعدم قبول الوعظ كما إن شرح الصدر استعارة لتحصيل النظر الجيد والايمان وقبولها. قال صلى الله عليه وسلم " لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فتقسو قلوبكم فان كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وان أبعد الناس من الله القلب القاسي ". قال مالك بن دينار ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة قلبه. ذكر الله الشرح وأسنده الى نفسه أي ذاته والقساوة وأسندها للقلب وخالقها الله* { مِّن ذِكْرِ اللهِ } أي عن ذكر الله كما قرئ به ولك أن تجعل من للتعليل فيكون أبلغ من الذم لأن من يقسو قلبه بسبب ذكر الله أقبح وذلك أنه كلما ذكر الله وسمعوا كذبوا فتتزايد القسوة بالتكذيب مرة بعد أخرى والنفس الشيطانية الخبيثة الجوهر البعيدة عن قبول الحق انما يزيدها القرآن قسوة ورأس الأدوية القرآن فاذا حصل به للنفس داء وقسوة فمرضها لا يرجى زواله وكانت في نهاية الشر. قال ابن مسعود ما غضب الله على قوم الا نزع الرحمة من قلوبهم وعنه وعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا حدثنا فنزلت. وروى قومنا ان الشرح نزل فى حمزة رضي الله عنه والقسوة في أبي جهل وابنه. قال ابن هشام من للتعليل وقيل للمجاوزة وقيل تكون للابتداء ورجح المجاوزة وقال الابتداء يرجع الى الويل أو الى الذكر لان هذه القسوة تجيء منه ولا مانع من تعليقها بالويل بمعنى العذاب أو الهلاك ولا يمنعه الفصل كما قيل. وقيل نزل الشرح فى أبى بكر والقسوة فى أبيّ بن خلف وقيل فى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى جهل لعنه الله. { أُوْلَئِكَ فِى ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي واضح يظهر بأدنى تأمل. وعن ابن عباس أن قوماً من الصحابة قالوا يا رسول الله حدثنا بأحاديث حسان وأخبرنا بأخبار الدهر فنزل قوله تعالى